الخميس، 21 أبريل 2022

التفاؤل- وصفة النجاح

أنقشعت زوبعة مجلس القيادة الرئاسي، ولم يكن مفاجئاً انتقال المجلس والحكومة وما تبقى من مجلس النواب إلى عدن. كان الترتيبات جاهزة لشكليات أداء اليمين، واتحف اليمنيون بآلاف الصور لوجوه مبتسمه محاولة خلق الأمل والتفاؤل في عقول ملايين اليمنيين بوجوههم البائسة، إن لم نقل اليائسة.
سبع سنوات منذ بدء الحرب الشاملة في اليمن، اما الحرب فقد بدأت فعلا منذ أكثر من عقد من الزمن. سبع سنوات لم يحقق اليمنيون فيها غير الدمار والخراب، ولم يعيشوا الا أحد اسوأ فترات تاريخهم. فترة انكشاف الاقنعة، في غياب للقيم والمبادئ الفضيلة، فكأن "النخبة" اليمنية تتسابق على اثبات انها الأسوأ والأكثر أنانية فيما عرفه الانسان. نخبة تشترك في الدفاع عن شيء واحد فقط وهو المصلحة الشخصية لا غير.
لم يبق لأحد من "نخبة" الحكم اليمنية أن يدعى النزاهة، او أن يسوق للمبادئ، او حتى أن يقدم نفسه بديلا صالحاً. خبرهم الشعب اليمني بما فيه الكفاية، فأثبتوا، بل ويثبتوا جميعاً انهم عاجزون عن يلبوا الحد الأدنى من تطلعات الشعب. جميعهم تركوا المواطن وهمومه، وركزوا على حماية انفسهم وتحقيق مكاسبهم الشخصية. ارتبطوا بطهران والرياض وابو ظبي ومسقط والدوحة وانقره، ولم يرتبطوا باليمن!
مع ذلك كله فما حدث مؤخرا يحرك مياهاً راكدة، فهو يجمع أعداء الحوثي في إطار ما، وقد يشكل ذلك تطوراً نوعياً اذا ما تمكن الترتيب الجديد للسلطة من ايجاد بديل للحوثي. المشكلة ليست في التغلب على الحوثي عسكرياً، بل هي في ايجاد بديل مقبول. لن تتمكن القوة العسكرية، مهما بلغت، من هزيمة الحوثي، إن لم يكن هناك بديل أكثر استقراراً.
ما هو المطلوب إذن للنجاح؟
أتى الترتيب الاخير للسلطة ليعكس القوة والسيطرة كعنصر أساسي في توزيع "كعكة الشرعية". هذا بالطبع قوض الشرعية وساواها بالحوثي، من ناحية المبدأ.  لم يعد ممثلو الشعب ممثلي الشعب، ولم يعد الدستور دستورا، ولا القانون قانوناً. كل شيء اصبح محكوماً بالقوة لاغير. لا بأس بذلك، ولو مؤقتاً، وهو بالطبع افضل مما حدث عقب ربيع اليمن،  حيث تم الاعتماد على وصفة مثالية لم تأخذ في الحسبان موازين القوى.
١- من نافلة القول التأكيد على التزام الأطراف بروح المصلحة، ككل وليس لكل طرف على حدة. هذا يتطلب العمل الجاد، واكتساب الثقة.
٢- "التوافق" كلمة مطاطة تفتح المجال للتملص من المسئولية، يجب عوضاً عن ذلك ان يتم العمل بالاغلبية.

 ٣- على الجميع أن يدرك ان توزيع الحصص كإطار للعمل آليه تستحث الفشل. الدولة بحاجة لكفاءات وقدرات لا انتماءات فحسب، والا سينتهي الامر لتقاسم الفشل.
٤- لا هروب، لا يجوز ان يحتفظ اي انسان لا يقاسم اليمنيين حياتهم اليومية بأي منصب. غير مقبول ان يعيش اي مسئول خارج الحدود.
٥- الصراحة، مطلوبة واساسية للنجاح. الغموض والمواقف الرمادية لا تقنع أحداً. لن ينتظر الناس طويلاً لإدراك الفشل..
٦- الهدف: وهو أهم وأصعب عنصر لتحقيقه، فبدون هدف واحد يصبح الحديث عن أمل في الخروج من هذا المأزق ضرباً من المحال.
كم من العناصر الرئيسية الست المذكورة متوفرة لدينا يا ترى؟ وهل نسير في الاتجاه الصحيح، على الاقل؟

الخميس، 7 أبريل 2022

فرسان الاحلام- انقلاب هادي على نفسه

 


فرسان الأحلام
اعلان هادي عن نقل صلاحياته لمجلس من ثمانية اعضاء، كونه بنفسه، لإدارة شئون البلاد، هل يحق لنا التفاؤل؟
جاء اعلان هادي 6  ابريل عن تكوين مجلس للقيادة وتخليه عن صلاحياته كرئيس منتخب عقب ما يبدو أنها نتائج مشاورات الرياض بين أطراف يمكن تسميتها مجازاً بأطراف الشرعية، حيث تشترك بمعاداتها للحوثي وتختلف في كل شيء آخر.
مخرج هذا الإعلان هو نفسه مخرج المبادرة الخليجية الشهيرة عام ٢٠١١، والتي كانت أول خطوة في هدم الشرعية اليمنية، حيث استبدلت الاتفاقية التي توافق عليها عدد من السياسيين الذي لم يدركوا حجم الجرم الذي يرنكبونه، بالدستور اليمني الذي أسس لقيام الجمهورية اليمنية والذي استفتي حوله الشعب اليمني.
جاءت الطعنة الثانية للشرعية الدستورية، ان صح التعبير،  في مؤتمر الحوار الذي أسس لشرعية بديلة، غير منتخبة ايضاً سعت للاستعاضة عن الدستور بنصوص جديدة، لم يجري حتى التوافق عليها.
انقلاب الحوثي على الرئيس هادي، والذي فشل في ازالته،  وتكوين مجلس ثوري ثم رئاسي، مثل ضربة جديدة للشرعية، التي استمرت كأسم وأمل.
مرت سبع سنوات اثبتت ان "شرعية هادي " التي فشلت بين 2012-2014 فاشلة في تحقيق اي شيء يذكر، حيث زاد الطين بلة الطعنات المتلاحقة للشرعية من جماعات تكونت للاستفادة من ضعف سلطة هادي. وقد فشلت شرعية هادي في تحقيق اي شيء للشعب اليمني.
بعد يأسه من واقعه، اصبح الشعب اليمني ينتظر الفارس المنقذ، كما تنتظر فتاة عديمة الحيلة فارس الأحلام الذي ينقذها من ظلم وجور ابوها. طال الانتظار، ولم يأت ذلك الفارس.
فجأة،  يظهر ثمانية فرسان مرة واحدة. بتعيين مجلس القيادة أسدى هادي، كما يبدو، الطعنة الأخيرة للشرعية. مجلس جديد معين بذات الادوات التي أخرجت المبادرة الخليجية.
هل لنا ان نتفاءل، كما يريد مني صديقي؟ في الواقع ان ما حدث سيحرك المياه الراكدة ولا شك، فأي شيء افضل من عجز هادي.  لكن!
لكن ما حدث وضع الحوثي وأطراف الشرعية على قدم المساواة، من حيث "شرعيتهم"، فهو انقلاب جديد، بني على انقلاب. من جهة أخرى، لا يمكننا التفاؤل مع وجود ثمانية رؤس... "لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا".. 

الثلاثاء، 29 مارس 2022

مشاورات الرياض

 مشاورات الرياض

"الجمعة الجمعة، والخطبة الخطبة، وعاقي والديه عاقي والديه"

أميل للتفاؤل، وهو أمر ضروري للمستقبل، وفي حالة اليمن أيضاً.

إذن مشاورات في الرياض الهدف المعلن منها وصول اليمنيين لتوافق للخروج من مأزق الحرب. الواقع ما هي مشاورات الرياض؟ وهل يمكن أن يكون لها دور في تغييرعجلة الحرب التي تدور بلا نهاية.

اطراف "الشرعية" كما تسمى تحضر مشاورت الرياض، بينما يغيب عنها الحوثيون، وهم طرف اساسي في الحرب. ولكون الشرعية  حاضرة سنبدأ بهم كون حضورهم مهم ايضاً، فالحرب في اليمن قد تحولت لحرب متعددة الاطراف. أطراف الشرعية المتصارعين والذين يمولهم التحالف ويدعمهم جميعاً يحضرون جميعاً للرياض. هل هناك فعلا حاجة لهذا الحضور. في واقع الأمرلو كان التحالف يرغب في ايجاد صيغة للتوافق بين أطراف الشرعية لفعل ذلك، فهذه الاطراف ستموت لو انقطع عنها تمويل التحالف، واعتمادها على ذلك التمويل عنصراً رئيسياً في وجودها. مع ذلك لنكن متفائلين، ولنقل أن التحالف قد أدرك المأزق الذي وضع نفسه فيه من خلال دعم اطراف متعددة في "الشرعية" أدت فعلياً لخلق حالة من الفوضى المستفيد الأول منها هو الحوثي.

هل يمكن أن يتوافق اطراف الشرعية ويكونوا جبهة موحدة ضد الحوثي؟ هل يمكن لهذه الجبهة أن تهزم الحوثي؟. للإجابة على السؤال الأول لا يتصور أن يتوافق أطراف الشرعية لأسباب متعددة، منها التنافس الحاصل للحصول على مكاسب مع استمرار كل طرف في محاولة تعزيز مواقعة تجاه التحالف، وليس تجاه الوضع الميداني. الصراع إذن هو على "كعكة التحالف" إن صح التعبير. أما السؤال الثاني فهو إمكانية هزيمة الحوثي. هذه الامكانية مرهونة فعلياً بالسؤال الأول، فإذا ما تم توافق ما بين أطراف الشرعية، لن يتمكن الحوثي من الصمود، ففشل اطراف الشرعية هو الوقود الرئيسي للحوثي. 

إذن ما هو الهدف من مؤتمر الرياض؟ وهل هو محاولة سعودية للخروج من اليمن بشيء من ماء الوجه؟ المؤشرات تدل على أن مؤتمر الرياض ما هو إلا حبه مسكنة الهدف منه هو التخفيف من ضغط حرب اليمن، مؤقتاً، على السعوديين واليمنيين. إيقاف الحرب خلال شهر رمضان هو نوع من الدعاية التي تتبادلها أطراف الصراع كل عام. إذا لم يخرج المتشاورون في مؤتمر الرياض، وهم في الواقع اطراف الشرعية، بموقف موحد، فستكون النتيجة أنتصار آخر للحوثي، لا يقل أهمية عن انتصاره العسكري. من المستبعد أن يكون المؤتمر خروجاً نهائياً للسعودية من اليمن، وإلا لكانت السعودية أعادت القيادات "الشرعية" لليمن.

الحوثيون، يواصلون تحقيق أنتصارات عسكرية ومعنوية، ناتجة بدرجة رئيسية عن فشل اطراف الشرعية.. بالرغم من الضغط الهائل عليهم اقتصاديا، يواصلون توزيع هذه الضغط على عامة الشعب من خلال زيادة الجبايات واحتكار المواد الاساسية وبيعها بأسعار باهضة. لا يتحمل الحوثيون اية مسئولية تجاه السكان، ويسخرون كل الامكانيات لتعزيز مواقعهم الاقتصادية ايضاً.، مما سيجعلهم أكثر قدرة على التأثير مستقبلاً ايضاً. رفض الحوثيين للذهاب للرياض ليس لان اللقاء في الرياض، بل لأن السلام لا يمكن ان يحقق لهم ما تحققه الحرب من مكاسب. ما الذي سيقدمه السلام لهم... حصة من السلطة، او حتى سلطة كاملة على جزء من اليمن، مع تحملهم مسئوليات، ذلك بالطبع اقل مما هم عليه اليوم.

أخيراً، مؤتمر الرياض، عدد هائل من المشاركين، يذكرنا بمؤتمر الحوار الوطني. القصة ليست بحاجة لمنتدى، صانعي الحدث  والممسكين بزمام الحل معروفين، ولا يتعدى عددهم عدد اصابع اليد الواحدة. ما يحدث لا يختلف أبداً عما حدث سابقاً، والمثل اليمن يقول "الجمعة الجمعة، والخطبة الخطبة، وعاقي والديه عاقي والديه" والاخير هم الشعب اليمن الذي ينتظرون حلولاً من قيادات استمرأت الحياة خارج اليمن دون أدنى شعور بالمسئولية، وأخرى أستمرات مكاسب الحرب داخلياً، فمن اين يأتي السلام يا ترى؟

الخميس، 24 مارس 2022

الاصلاح، بحاجة لاصلاح - الجزء الأول

 الاصلاح ربما يكون الحزب اليمني الاهم في هذه المرحلة،  فهو الحزب الايديولوجي الوحيد بعد انهيار الحزب الاشتراكي اليمني عند انهيار المنظومة الشيوعية حيث فشل في المحافظة على السلطة بعد انخراطه في مشروع الوحدة. الاصلاح هو الحزب اليمني الاكثر تنظيماً، والاكثر تأثيراً، وحضورا في السلطة،  حيث كان حاضراً قبل ان يتحول رسميأ الى حزب سياسي.

نشأ حزب الإصلاح عام ١٩٩٠، لكن جذوره ممتدة للستينيات حيث لعب "الاسلاميون" دوراً مهما في التأثير على مجريات الاحداث، فضغطوا مثلا للتخلص من الرئيس الارياني لانهم رأوا انه "متساهل مع الشيوعيين"، ولا شك ان لهم دوراً بالاطاحة بالحمدي الذي يبدو أنه حاول تجاوزهم. الرئيس صالح أعطى الاسلاميين مجالاً واسعاً للعمل،  فكانوا بالفعل شركاء في السلطة، حيث عملوا على توجيه التعليم، وكان الأمن بيدهم، وكذلك كان لهم الأثر الاكبر على التشريع، كما كانت لهم حرية العمل في تعبئة الناس عقائدياً، وتكوين قاعدة واسعة من المناصرين.

عندما تحول الاصلاح بشكل رسمي الى حزب سياسي، عند قيام الجمهورية اليمنية، فتح المجال بشكل اكبر للحزب لتطوير نفسه. خرج الاصلاح من عباءة المؤتمر،  ثم عاد فتحالف معه، ليلعب نفس الدور الذي لعبه قبل الوحدة، شريك في الحكم، لكن طموحات قادة الحزب كانت تنمو مع الزمن،  وبعد وفاة الشيخ الأحمر المؤسس يبدو ان القادة الجدد قرروا انهم يريدون رأس السلطة نفسها، متجاوزين بذلك حليفهم التقليدي.

في بحث ممول أمريكياً حول السلطة في اليمن تم اعداده في قبل 2010 ذكر الباحثون انه على الرغم من القدرات التنظيمية العالية للحزب، والتي تعتبر الافضل بين الاحزاب اليمنية، الا انه حزب تعود على العمل في الظل، واستبعدوا ان يتمكن من إدارة السلطة بشكل منفرد، ويبدو أنهم بذلك قد أصابوا كبد الحقيقة بعد تجربة الحزب الفاشلة في السلطة منذ العام 2012.  

في محاولاته للوصول لرأس السلطة تحالف الاصلاح مع خصومه التقليديين، متجاوزاً الجوانب الايديولوجية التي قام عليها، وكان تحالفه مع الاشتراكي والاحزاب القومية يتعارض مع مبادئه، لكن يبدو ان "المصلحة" دفعته لتكوين تكتل أحزاب اللقاء المشترك في مواجهة حزب المؤتمر، وكان وقتها قد قرر ان يخرج نهائياً من عباءة المؤتمر.

رأى الاصلاح،  كغيره من الاحزاب الإسلامية في دول عربية أخرى، الفرصة سانحة للوصول إلى السلطة إبان احداث ٢٠١١، فأنتقل فوراً للمقدمة لقيادة الاحداث، ويبدو ان قادة الاصلاح كانوا يؤمنون بشكل مطلق بقدرتهم على الانتصار، وتوجيه الامور لصالحهم، لذلك لم يجدوا حرجاً في الخروج على المألوف، ف "الثورة" بالنسبة لهم لا بد ان تنجح مهما كلف الامر، وجاء تحالفهم مع (الشيطان) سهلاً ومبررا، متجاوزين بذلك عقبة الاختلاف العقائدي، وتاريخاً من الصراع، واحداثأً لم تبرد نارها. كان الاصلاح يمتلك تمثيلا كبيراً في البرلمان، ويسيطر على أحد اهم أجهزة المخابرات، الأمن السياسي، كما كان متحكماً بجزء مهم من الجيش اليمني بقيادة على محسن، ولكن ذلك لم يكن كافياً! 

تحالف الاصلاح مع الحوثي للإطاحة بصالح، وقد استخدم الاصلاح كل ما في وسعه للوصول للسلطة، وتنكر لأسس العمل السياسي، بما في ذلك دستور الجمهورية اليمنية الذي كان أحد واضعيه، وقد رفض الاصلاح الحوار مع الرئيس صالح لأن طموحاته كانت أكبر من ان يستوعبها صالح، ولم يجد الاصلاح غضاضة في استدعاء التدخل الدولي.

كانت نشوة انتصار الاصلاح تمنعه من رؤية الامور على حقيقتها،  فقد حصل على ٥٠% من الحكومة وفقاً للمبادرة الخليجية، لكن الاهم انه كان يرى ان قدرته على التأثير على الرئيس (الضعيف) هادي ستمكنه من استكمال انتصاره. خلال شهور عمل الاصلاح بكل جد للسيطرة على الدولة بتوظيف عشرات الالاف من أنصاره، وكان يعتقد ان ذلك سيمكنه من تحقيق النصر الكامل، او لنقل السيطرة الكاملة. سرعان ما ظهر فشل الاصلاح في إدارة الدولة حتى مع سيطرته على رئاسة الوزراء ومؤسسة الرئاسة! 

في الفترة التي أمسك الاصلاح بها مقاليد الأمور وفقاً للتسوية السياسية التي تمت عام 2011، وبينما كان الحوثيون ينقلبون على السلطة في صعدة ويتجهون جنوباً، كان الاصلاح مشغولاً بشريكه اللدود في السلطة، المؤتمر. واصل الاصلاح تحالفه مع الحوثي اثناء الحوار الوطني، بصفة الحوثي من "القوى الثورية"، وذلك برغم ما كان يقوم به الحوثي حينها من مهاجمة قواعد الاصلاح في حرب مفتوحة، بدأت في صعدة ولم تنته في صنعاء. واصل الاصلاح سعيه لاستخدام القوى الدولية للضغط على صالح متناسياً ما عداه ايماناً منه أن صالح هو من يمتلك مقاليد الامور.

استمر الاصلاح في مهادنة الحوثي رسمياً، ولم يعلن الحرب عليه، بالرغم من انه يمتلك نصف الحكومة ويسيطر بشكل شبه كامل على قرار الرئيس هادي. عندما حاصر الحوثي صنعاء كانت مقاومة الاصلاح شكلية، واقتصرت على تغطية مكنت القيادي العسكري الاصلاحي علي محسن، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس، من الهروب واللجوء الى السعودية. 

بعد ان تمكن الحوثي من السيطرة على صنعاء، استمر الاصلاح بالمداهنة، واقتصرت المقاومة على أماكن محددة، مأرب وتعز. فيما يبدو ان الاصلاح "يحتفظ بقوته" الى زمن قادم، ويذكرني ذلك بقول الشاعر أحمد مطر "أصقل سيفك يا عباس"....

وللحديث بقية.


قراءة في راواية رحلة الدم

 

30-6-2020

هذه القراءة هي لرواية إبراهيم عيسى المسماة رحلة الدم والتي نشرت في عام 2016 عن دار الكرمة للنشر، الرواية جذبت انتباه الكثيرين، وهاجمها كثير من مشائخ الدين الإسلامي لأنها أعطت صورة غير مثالية عن صحابة النبي محمد صلى الله علي وسلم، واعتبر هؤلاء أن الكاتب قد أخطأ بتصوير عدد من الشخصيات واعتمد على مراجع غير دقيقة حول الاحداث، والمحصلة أن الشخصيات جردت من القيم النبيلة التي يفترض أن يتمتع بها صحابة النبي الكريم.

إن الانتقادات التي وجهت للرواية والاهتمام الكبير الذي لاقته هي مؤشر فعلي على نجاح هذا العمل الفني، وأقول عنه عملاً فنياً لأنه ليس إلا حبكة قصصية من خيال الكاتب، ولا شك ان الكثيرين قد أخطأوا قراءة التنوية الذي ورد في بداية الكتاب والذي يقول فيه الكاتب أنه استند على ما اسماه مراجع تاريخية، ومجرد الاستناد على مراجع في سرد القصة لا يعني أنها عمل تاريخي، بل عمل ادبي، حيث خلت القصة من الإشارة إلى أي مراجع في سرد الاحداث. كذلك فإن الكاتب ولا شك قد استعان بخياله في تصميم الشخصيات ووصفها، وتكييف الاحداث وسردها لخدمة هذا العمل الادبي. إذن فليس من المجدي النظر للعمل بصفته عملاً تاريخياً، ولا يجوز الرجوع إليه كمصدر تاريخي بأي حال من الأحوال.

تظهر الرواية بلغة بسيطة وسلسلة تناسب هذا العصر، والسرد بأسلوب قصصي ممتع يجذب القارئ. هذه الميزة تمثل في نفس الوقت عيباً، حيث أن تجسيد الشخصيات في الحوار جاء باهتاً وباستخدام لغة معاصرة تبعد القارئ عن السياق التاريخي الذي يبعد أربعة عشر قرناً، ويجعل القارئ يتساءل عن الكاتب نفسه. في محصلة الأمر فإن سهولة اللغة هي أحد عناصر الجذب الرئيسية إذا لم ينظر لها على أنها فقراً في اللغة.

يعتمد الكاتب على شخصية رئيسية غامضة، وهي عبدالرحمن بن ملجم، حافظ القرآن، ومن خلاله تدور الاحداث في فترة الثورة على الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه. يتعرض القارئ للصدمة عند التعرف على الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في القصة وفي الخروج على الخليفة عثمان ثم مقتله، حيث يظهر عدد من الصحابة مثل عبدالرحمن بن عديس وغيره من الشخصيات جلها من حفظة القرآن الكريم، إضافة لشخصية محمد بن أبي بكر ومحمد بن حذيفة وقد لعبا دوراً كبيراً في  الثورة على عثمان طمعاً منهما في الحصول على مكاسب شخصية. يظهر الكاتب أيضاً شخصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه شخصية غامضة إلى حد كبير في موقفه من عثمان، وبالرغم من أنه برأه من لعب أي دور في مقتل عثمان، إلا أنه يترك القارئ محتاراً "هل قام علي بما يجب لحماية عثمان؟ وهل وصل علي لقناعة أنه أحق بالخلافة من عثمان؟" لا شك أن رسم الشخصيات بهذا الشكل قد اخرجها من إطار القدسية والتنزيه التي دائماً ما تظهر به أمام عامة المسلمين.

هل قصد الكاتب الإساءة لهذه الشخصيات، أم كان يحاول صياغة عمله الفني، ومن خلال هذا العمل كان لا بد من رسم الشخصيات التي أدارة جريمة قتل عثمان وأظهار الجوانب الإنسانية متجردة. لعل ما يميز هذا العمل في المحصلة أنه يحاول تفسير التاريخ من خلال أحداث يربطها بالشخوص الذين لهم دوافع إنسانية معينة.

أنصح لكل مهتم قراءة هذا العمل الأدبي المتميز، والذي ولا شك يجعلنا نفكر بعمق ليس فقط في التاريخ القديم، بل وفي تاريخنا المعاصر وفي المستقبل.  

الأربعاء، 16 مارس 2022

أيقونة الثورة، الارياني في ذكرى رحيله

الارياني، في ذكرى رحيله

الارياني، في ذكرى رحيله
لماذا يجب علينا استحضار ذكرى الرئيس القاضي عبدالرحمن الارياني، وما اهمية ذلك في وقت انهارت فيه اليمن ويعاني فيها الشعب الامرين من حكم الميليشيات. استحضار هذه الذكرى مهم ليس لمعرفة تاريخ مضى فحسب، بل لإيقاد شعلة الأمل لمستقبل اليمن، في وقت اصبح الياس القاتم يسيطر علينا.
كان الرئيس الارياني احد مهندسي ثورة ٢٦ سبتمبر التي تمثل الميلاد الفعلي لليمن الحديث، فقد آمن الارياني ورفاقه بأن اليمنيين يستحقون حكماً عادلا، ونظاماً مبني على اسس المساواة في المواطنة، فلا سيد ولا مسود، حكم للشعب نفسه بنفسه بعيدا عن إملاءات الامامة والكهنوت وخرافاته.
على الرغم من نشاته في أسرة محافظة من طبقة القضاة التي كانت تصنف ثانياً في سلسلة التراتب الاجتماعي التي انشاتها الامامة في اليمن ودافعت عنها لانها تمكنها من الاستحواذ على الحكم. فإن الارياني نشأ حرا وآمن انه لا يمكن ان يرضى أن يكون مواطناً من الدرجة الثانية، مهما جلب له ذلك من امتيازات. قاوم الظلم والقهر في زمن عتو الامامة وجبروتها. اختار ان يواجه الموت، ويسجن سنوات طوال منفياً، عوضاً عن ان يرضى بحظوته التي يمنحها الامام.
قاوم الامامة بالكلمة، ولعل اشهر قصائده "الخديعة" تعبر عما آمن به. سعى ورفاقه بذلك لرفع الوعي لدى الناس، فقد كانت الكلمة حينها أكثر أثراً من السيف. لكنه لم يكتف بذلك، فعندما فشلت محاولات التغيير السلمي، ساهم بالتخطيط للثورة ودعمها، وعندما كانت الثورة في مأزق، تقدم لينقذها وينقذ اليمن. انهى الحرب التي استمرت اكثر من خمس سنوات، وانتصرت الجمهورية في عهده، واستقرت اليمن، ليبدأ عصر جديد غير مجرى التاريخ في اليمن.
الرئيس المدني الوحيد في تاريخ الجمهورية العربية اليمنية حكم دون أن يقود كتبية عسكرية، ودون ان يكون وراءه قبيلة تسنده، الا الشعب. نجح على مدى سبع سنوات في تاسيس النظام الجمهوري، عهد جديد لكل اليمنيين.
لم ترض قوى الرجعية الدينية والقبلية بما كانت اليمن تحققه من تطور وانفتاح، وارادت أن تحتفظ بسيطرتها على اليمن. تآمرت تلك القوى مع العسكر الذين كانوا متحفزين للانقضاض على الحكم، فقرر الرئيس أن يغادر. إنقلاب ابيض، كما يحلو للبعض وصفه، كان بالفعل أسوداً فقد أعاد اليمن للوراء، القوة من جديد هي الحاكمة.
في ١٩٧٤ غادر الرئيس بدلاً من الحرب، فلم يكن ذلك الذي يرغب بالسلطة، ولا بالدفاع عنها. وحتى قبل أن يغادر، قدم استقالته لنواب الشعب آملاً أن يؤسس ذلك لنظام يحترم فيه القانون، حتى في الازمات، وللأسف لم تعرض استقاله على نواب الشعب. قد يقول البعض أنه غادر هرباً او جبناً، لكن هؤلاء لا يعلمون ان الرئيس الارياني كان قد استقال قبل ذلك عندما كانت بعض القوى تحاول التأثير على الدولة وتمنع وجود نظام محترم حماية لمصالحها. لقد حاول وحاول مراراً قبل ان يقرر المغادرة عوضاً عن يتزعم حرباً تسفك فيها الدماء.
الرئيس الارياني اسس النظام الجمهوري، وهو ايضاً من أسس لتوحيد اليمن، فقد عقد المباحثات ووقع الاتفاقيات التي كانت بذرة إنشاء الجمهورية اليمنية. كان هم الوطن يسكن الارياني في منفاه، لذا لم يبخل بارسال الرسائل للرئيس الحمدي الذي انقلب عليه ينصحه حرصاً على اليمن. استمر الارياني في منفاه حتى ١٩٨١م، وتوفي في ١٤ مارس ١٩٩٨م
بدأ الارياني مسيرته في عهد من الظلام، حيث لم يخطر ببال يمني أن الامام لن يحكمه يوماً ما، وغادرنا، رحمه الله، واليمن بلد موحد يعيش فيه اليمنيون متساوون، لا سيد ولا مسود، يحكمهم دستور وقانون. أفلا يستحق ان نستذكره دوماً ليكون أيقونة للمقاومة. افلا هذا يعطي هذا اليمنيين أملا في المستقبل، فظلام اليوم لا بد أن يأتي بعده صباح، إذا صدقت النوايا، وعلت الهمم. كل واحد منا له ان يسهم في انقشاع الظلام.






الثلاثاء، 16 أبريل 2019

الرجولة، عندما ضاعت


الرجولة، عندما ضاعت

1 إبريل 2019

كلمة الرجولة ترتبط في لغتنا العربية بالرجل، وتأتي صفة الذكورة مرتبطة بالرجولة، والرجولة منسوبة للذكر البالغ، لكن المعاني المرتبطة بالرجولة تتعدى المفهوم العضوي، وبحسب بعض الآراء ترجع كلمة “رجل” في اللسان العربي إلى "الترجل" أي المشي على القدمين دونما استعانة بآلة كدابة أو سيارة أو غيرهما، ومن ذلك يأتي مفهوم الاعتماد على النفس في الوصول إلى الغاية المطلوبة والهدف المقصود مرادفاً للرجولة.

في القرآن الكريم ذكرت ا لرجولة في مواقع متعددة منها بمعنى الجنس المقابل للأنثى في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء ......"، وجاء ذكر الرجولة في مقام الانسان الفاضل في قوله "لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ"، وقد ذكر نور الغزالي أن الرجولة جاءت في القرآن مرادفة لست صفات هي المسئولية (في قوله تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ......" )، التطهر والتزكي (في قوله تعالى "لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" )، الجدية والتعالي عن صغائر النفس (في قوله تعالى "رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ..... )، الوفاء والصدق والثبات (في قوله تعالى "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً")، القوة والتوكل (في قوله تعالى "قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ ........" )، والإيجابية والفاعلية ( في قوله تعالى " وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" ). ويأتي المصطلح المقابل للرجولة في اللغة الانجليزية بمعنى المهارة، ويعرف بأنه الرجل بأفضل صفاته، يحارب من أجل الحياة الفاضلة، والأخلاق، والشرف، والعزة، وبدوره كرجل سواء كأب أو كزوج أو كصديق أو كمواطن.

لقد عَرف المجتمع الانساني الانسان الذي يتسم ببعض الصفات الإيجابية المذكورة آنفاً بأنه يتصف بالرجولة، فالرجولة تشمل الذكر والأنثى، لأنها ليست مقتصرة على المعنى العضوي فحسب كما رأينا. والرجولة من الصفات الإيجابية المطلوبة في المجتمع وغيابها يعني خسارة كبيرة للمجتمع، فلماذا تغيب الرجولة عن بعض المجتمعات، ولماذا تدارت الرجولة في المجتمع اليمني؟

ترتبط الرجولة ببعض القيم الانسانية الاساسية الفاضلة، وتخلي المجتمع عن تلك القيم يعني تخليه عن الرجولة، ولعل الصدق أولى تلك القيم، فالإنسان الكاذب ولا شك يخفي في نفسه قدراً من الخوف والنفاق حيث يجبن عن مواجهة الواقع، فالكاذب ولا شك ناقص الرجولة. قيمة الصدق من القيم التي لا تؤخذ على محمل الجد في المجتمع اليمني، بل إن البعض يعتبر استخدام المداهنة والكذب وسيلة مشروعة لتحقيق المكاسب، ويسوغ آخرون اللجوء للكذب لتجنب ضرر بصفته أمراً مشروعاً. لا يعني ذلك أن المجتمع لا يثمن قيمة الصدق، إلا أنه نادراً ما يعاقب الكاذب. إن فقدان صفة الصدق في رأيي هو العنصر الأكثر تأثيراً فيما يصيب الإنسان من فقدان بقية صفات الرجولة.

 ساعد التماهي في الالتزام بالصدق كقيمة فردية على اتخاذ الكذب كوسيلة لتجنب الأسوأ، فأتجه الأفراد إلى استخدامه وتحول "الهروب من المواجهة" إلى قيمه فردية ومجتمعية. إضافة لذلك أصبح لدى الفرد اليمني اتجاه لتكذيب عقله الذي ينبهه إلى وجود خطر ما، وتحول ذلك إلى نوع من الاستكانة للواقع. نظراً لاستخدامه الكذب وتكذيبه لنفسه، كون اليمني موقفاً سلبياً مما يحدث، وكلما زادت الأمور تعقيداً، كلما وجد اليمني وسيلة لترحيل مشاكله إلى المستقبل.

إن قيم الفرد والمجتمع هي نتاج عن خليط من التجارب الإنسانية، وأن ما يمر به الانسان اليمني ليس جديداً، بل هو ناتج لفترات طويلة، وليس وليد الظروف الحالية، بل هي نتيجة لتاريخ طويل. مع ذلك لا بد من القول إن للتجارب الأخيرة أثر كبير. و إذا ما ركزنا على السنوات الثمان الأخيرة التي كانت حافلة سنرى أنها بدأت بحراك فتح آفاق لتغيير المجتمع، وليس السلطة فحسب. عندها كان الفرد اليمني يقف حائراً، ليس لأنه لا يريد تغيير النظام القائم، بل لأنه أدرك مبكراً الصراع القائم بداخله. كان اليمني يدرك في باطنه أنه أحد عناصر المشكلة. كان يريد التغيير في الوقت الذي كان يخافه. كان يخاف التغيير بنفس القدر الذي يخاف مواجهة نفسه وتحمل المسئولية، لذا فقد فشل الفرد في اتخاذ أي موقف، ساعده في ذلك الأحداث، فترك الأمور تسير كيفما تشاء، لتصبح في يد الأكثر جرأة وبطشاً.

عندما اختار الفرد اليمني أن يكون معارضاً في 2011، كان يؤمن بقدرته على هزيمة الآخر، لكنه كان أقل ثقة بقدرته على هزيمة نفسه. وعندما أدرك أن النتائج كانت مخيبة وأنه مسئول عنها، أبى ان يعترف، وألقى باللائمة على الآخر. ويستمر هذا الصراع، ويستمر اليمني في البحث عمن ينقذه من هذا الصراع، ويتعلق بقشة جرته إلى مستقبل مجهول.

تمادى الفرد اليمني التماهي مع قيمة الصدق، وبالغ في عدم تصديق نفسه، ورأى في الاستكانة والخوف من المجهول مبرراً لكل ذلك. استهلك اليمني ثروته واستهلك نفسه، ثم ترك نفسه نهباً للاتكال والمساعدات. الأسوأ من ذلك وجود "قناعة" شبه نهائية لدى الفرد اليمني تقول ألا شيء بيده، وانما هي بيد آخرين غيره. ويزيد البعض على ذلك باعتبار ألا شيء بيد الإنسان، مستخدمين "شماعة القدر" للهروب كلياً من الواقع، بدلاً من مواجهته. يتمادون في "طلب العون الإلهي"، معلنين وصولهم لمرحلة العجز الكامل، بعيداً كل البعد معاني الرجولة الإنسانية.