طالما سمعنا، وقرأنا في الكتب عن الأخلاق العربية الأصيلة، وطالما أفتخرنا بالخصال التي يحملها العربي كجزء لا يتجزأ منه، من الكرم إلى الفخر بالنسب والأصل والعشيرة، إلى العدل وإغاثة الملهوف ومحاربة الظلم والظالمين. صفات طالما طالعتنا في قصص التاريخ، وخصال طالما حلمنا بأن تكون معنا دوماً.
عندما يتطلع العربي لواقعه، فإنه يصاب بخيبة أمل. تلك الصفات العربية الأصيلة تضمحل فلا يكاد يتبينها. هأنت تسافر في البلاد طولاً وعرضاً فلا تسمع ما درج عليه العرب من دعوة للغريب وإكرامه، ولو على سبيل المجاملة، وهأنت ترى العرب يفقدون إعتزازهم بأنفسهم ويسعون نحو مصالحهم، هأنت ترى الظلم يطغى وترى أن دور "القبيلة" يقتصر على المقتدر أما الفقير فلا حياة له. هأنت ترى الغدر والخيانة ظاهرتين تطغيان على غيرهما في سعى الناس للكسب، وهأنت ترى التنافس المحموم بين الأخوة يسوغ كل شيء....
فماذا بقي من الأخلاق العربية غير ما في قصص التاريخ؟
عندما بدأت حركة الشباب في اليمن كنا نعرف ما نحن بحاجة إليه، التغيير. تلك الكلمة السحرية التي جرت وراءها عشرات الآلاف من الناس. نعم فاليمنيين بحاجة لتغيير واقعهم الذي خرج عن المألوف فضاعت القيم والأخلاق في خضم التسابق نحو المصالح والصراع المحموم على المال. التغيير مطلوب للخروج من نفق مظلم لا يمكن أن يبقى فيه اليمنيون إلى الأبد.
أكتسبت الدعوة للتغيير، والثورة ضد الواقع تعاطفاً ودعماً شعبياً كبيراً ومتعاظماً في بدء المرحلة، بحيث طغى على بقية الأصوات، وبالرغم من عدم وضوح ماهية التغيير المطلوب، فإن الدعوة كانت مبررة لدى العامة والخاصة الذين لم يروا في إستمرار الوضع القائم بديلاً مقبولاً.
توالت التطورات وتسارعت لتقسم الشارع اليمني، فبالرغم من أن "التغيير" مازال قاسماً مشتركاً يمثل مطلباً لمعظم اليمنيين، فإن "الثورة" فقدت زمام المبادرة بعد إنقسام الشارع إلى مؤيد للثورة ومعارض لها. لماذا فقدت الثورة زخمها، وما الذي أفقد "التغيير" بريقه؟
بدأت الحكاية بإنضمام أحزاب المعارضة للشباب وأستحواذهم على "الثورة"، وأحزاب المعارضة تلك هي نفسها التي عملت مع نظام الرئيس صالح وخاضت الأنتخابات وأعترفت بالنتائج، وهي نفسها التي دعمت تعديل الدستور والتمديد لمجلس النواب والتمديد للرئيس، وهي نفسها التي خاضت صراع 1994م، وقادتها هم نفس القادة وبنفس الفكر، أحزاب أيديلوجية ودينية مذهبية قريبة من الحكم إن لم تكن فعلاً قد مارسته لعقود.
السبب الثاني هو إلتحاق عدد من قادة نظام الرئيس صالح "للثورة"، وأولئك ممن يشهد لهم بالفساد، ثم إنقسام فرقة من الجيش اليمني وإعلان دعمها "للثورة"، هؤلاء الثوار الجدد ينضمون إلى قائمة قادة حركة التغيير.
السبب الثالث هو تسارع "الأخطاء" سواء على مستوى قادة "الثورة" من شباب وأحزاب اللقاء المشترك أو على مستوى عدد من المتحمسين للثورة. دعوات محمومة لم تلتزم بأدنى قدر السلوك الحكيم أطلقها قادة "الثورة"، فمن الدخول لغرف النوم، إلى التقليل من شأن فئات واسعة من الشعب اليمني الذين مازال يطلق عليهم "البلاطجة"، إلى ترهيب الناس عبر محاولة فرض الإضراب، إلى حشد الأطفال، إلى الإعتداء على النساء والشيوخ بحجة أنهم مؤيدين للنظام، وأخيراً قطع الألسنة.
لا أتذكر أني سمعت بجريمة مثل هذه بأستثناء قصص تحكى عن الزمان الغابر، أو ما يشاع عن قيام بعض الأنظمة البوليسية بهذه الجريمة. قصص الزمان الجاهلي أو غيره.
لقد تمكن قادة "الثورة" وعدد من مؤيديها من تجريدها من المقومات الأخلاقية، وقد بدأ الأمر عبر الترحيب بأئمة الفساد في صفوف الثورة. كيف لثورة أن تتخلى عن المبادئ الأخلاقية لقيامها؟...
قد نكون بحاجة لثورة سياسية في اليمن، لكننا بدون أدنى شك في حاجة ملحة لثورة أخلاقية، ثورة لأستعادة القيم الأنسانية لتكون أساس حياتنا. بدون تلك الثورة فإن أي أصلاح سياسي لن يكون سوى ذر للرماد على العيون، وكعجوز تضع المساحيق على وجهها وترى أن ذلك كاف لجذب أرباب الهوى....
عندما يتطلع العربي لواقعه، فإنه يصاب بخيبة أمل. تلك الصفات العربية الأصيلة تضمحل فلا يكاد يتبينها. هأنت تسافر في البلاد طولاً وعرضاً فلا تسمع ما درج عليه العرب من دعوة للغريب وإكرامه، ولو على سبيل المجاملة، وهأنت ترى العرب يفقدون إعتزازهم بأنفسهم ويسعون نحو مصالحهم، هأنت ترى الظلم يطغى وترى أن دور "القبيلة" يقتصر على المقتدر أما الفقير فلا حياة له. هأنت ترى الغدر والخيانة ظاهرتين تطغيان على غيرهما في سعى الناس للكسب، وهأنت ترى التنافس المحموم بين الأخوة يسوغ كل شيء....
فماذا بقي من الأخلاق العربية غير ما في قصص التاريخ؟
عندما بدأت حركة الشباب في اليمن كنا نعرف ما نحن بحاجة إليه، التغيير. تلك الكلمة السحرية التي جرت وراءها عشرات الآلاف من الناس. نعم فاليمنيين بحاجة لتغيير واقعهم الذي خرج عن المألوف فضاعت القيم والأخلاق في خضم التسابق نحو المصالح والصراع المحموم على المال. التغيير مطلوب للخروج من نفق مظلم لا يمكن أن يبقى فيه اليمنيون إلى الأبد.
أكتسبت الدعوة للتغيير، والثورة ضد الواقع تعاطفاً ودعماً شعبياً كبيراً ومتعاظماً في بدء المرحلة، بحيث طغى على بقية الأصوات، وبالرغم من عدم وضوح ماهية التغيير المطلوب، فإن الدعوة كانت مبررة لدى العامة والخاصة الذين لم يروا في إستمرار الوضع القائم بديلاً مقبولاً.
توالت التطورات وتسارعت لتقسم الشارع اليمني، فبالرغم من أن "التغيير" مازال قاسماً مشتركاً يمثل مطلباً لمعظم اليمنيين، فإن "الثورة" فقدت زمام المبادرة بعد إنقسام الشارع إلى مؤيد للثورة ومعارض لها. لماذا فقدت الثورة زخمها، وما الذي أفقد "التغيير" بريقه؟
بدأت الحكاية بإنضمام أحزاب المعارضة للشباب وأستحواذهم على "الثورة"، وأحزاب المعارضة تلك هي نفسها التي عملت مع نظام الرئيس صالح وخاضت الأنتخابات وأعترفت بالنتائج، وهي نفسها التي دعمت تعديل الدستور والتمديد لمجلس النواب والتمديد للرئيس، وهي نفسها التي خاضت صراع 1994م، وقادتها هم نفس القادة وبنفس الفكر، أحزاب أيديلوجية ودينية مذهبية قريبة من الحكم إن لم تكن فعلاً قد مارسته لعقود.
السبب الثاني هو إلتحاق عدد من قادة نظام الرئيس صالح "للثورة"، وأولئك ممن يشهد لهم بالفساد، ثم إنقسام فرقة من الجيش اليمني وإعلان دعمها "للثورة"، هؤلاء الثوار الجدد ينضمون إلى قائمة قادة حركة التغيير.
السبب الثالث هو تسارع "الأخطاء" سواء على مستوى قادة "الثورة" من شباب وأحزاب اللقاء المشترك أو على مستوى عدد من المتحمسين للثورة. دعوات محمومة لم تلتزم بأدنى قدر السلوك الحكيم أطلقها قادة "الثورة"، فمن الدخول لغرف النوم، إلى التقليل من شأن فئات واسعة من الشعب اليمني الذين مازال يطلق عليهم "البلاطجة"، إلى ترهيب الناس عبر محاولة فرض الإضراب، إلى حشد الأطفال، إلى الإعتداء على النساء والشيوخ بحجة أنهم مؤيدين للنظام، وأخيراً قطع الألسنة.
لا أتذكر أني سمعت بجريمة مثل هذه بأستثناء قصص تحكى عن الزمان الغابر، أو ما يشاع عن قيام بعض الأنظمة البوليسية بهذه الجريمة. قصص الزمان الجاهلي أو غيره.
لقد تمكن قادة "الثورة" وعدد من مؤيديها من تجريدها من المقومات الأخلاقية، وقد بدأ الأمر عبر الترحيب بأئمة الفساد في صفوف الثورة. كيف لثورة أن تتخلى عن المبادئ الأخلاقية لقيامها؟...
قد نكون بحاجة لثورة سياسية في اليمن، لكننا بدون أدنى شك في حاجة ملحة لثورة أخلاقية، ثورة لأستعادة القيم الأنسانية لتكون أساس حياتنا. بدون تلك الثورة فإن أي أصلاح سياسي لن يكون سوى ذر للرماد على العيون، وكعجوز تضع المساحيق على وجهها وترى أن ذلك كاف لجذب أرباب الهوى....
صورة من ساحة التغيير بصنعاء، بين الدعوة للحرية ورموز الأستبداد
الشاعر وليد الرميشي في المستشفى بعد قطع لسانه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق