الثورة ومهرجان الرئيس
(هل كان هناك من يتوقع أن تتحول "الثورة" إلى إحتفال بالقتل!)
يوم الأربعاء 8 يونيو، الساعة جاوزت العاشرة مساءً في وادي شيعان، أحد أودية مديرية القفر. شاءت الظروف أن أكون هناك، وكان الظلام يلف المكان مع انقطاع التيار الكهربائي منذ أيام. كنت أتهيأ للنوم وكانت الساعة قد جاوزت العاشرة مساءً عندما بدأت طلقات الرصاص تدوي في الوادي. لحظات فإذا طلقات أخرى من مناطق مختلفة. ذهبت استطلع الأمر، وصعدت إلى السطح حيث كان الظلام دامساً باستثناء قمر وليد لم يستطع نوره أن يبدد شيئاً من الظلام. زادت الطلقات وظهرت الألعاب النارية، أنتلقت الطلقات من مناطق مختلفة من الوادي، روؤس الجبال أشتركت، ولحظات فإذا بيوت تشعل النيران "التنصير أو التشعيل" على السطوح....
أستطلعت الأمر عبر الإتصال للبعض في الوادي وفي صنعاء، لم يكن هناك خبر مؤكد لكن الأمر كان إما "ان الرئيس عاد لليمن" أو أن "العملية التي أجريت له قد نجحت"... علمت في وقتها أن النيران تنطلق أيضاً في صنعاء وبكثافة، وكذلك الألعاب النارية... أستمريت في المراقبة على السطح وكانت أصوات الزغاريد تطلقها النساء، بينما الأغاني تنطلق من المسجلات. بدا وكأن الوادي أصيب بحالة هوس، ومرت دقائق فظهرت أضواء كثيرة، كان الناس يتجمعون من قرية لأخرى وهم يصيحون " الشعب يريد علي عبدالله صالح، زنقة زنقة دار دار غيرك يا علي ما نختار.... " جابت تلك الأضواء القرى ووصلت لقرب البيت الذي كنت على سطحه....
بعد أكثر من نصف ساعة غادرت السطح بينما أستمر المهرجان حتى منتصف الليل....
في الصباح تبين أن الأمر كان "نجاح عملية أجريت للرئيس"، وعلمنا أن المهرجان أنتقل لجميع مناطق اليمن، بل قيل أن "المعارضين" أضطروا للمشاركة فيه....الغريب مشاركة مناطق مثل تعز والتي يقال أنها ضد الرئيس...
المهرجان في وادي شيعان أستمر في اليوم التالي، وكان الغالب عليه التنصير بالنار، وجاب الأطفال والشباب القرى وهم يغنون ويدقون المرافع....
لعل المهرجان جاء "رداً" على اما أبداه "رواد ساحة الإعتصام" من فرحة إثر أنباء عن "مقتل" الرئيس، بل وقيامهم بجزر الذبائح، واطلاق الألعاب النارية والإحتفال بهذا لحدث.....
للأسف فإن مهرجان الرئيس كان هو الأنجح، فقد إستطاع أن يثبت "شعبية" الرئيس ووجود مؤيدين له في مختلف أنحاء اليمن لم يتوقعها أحد، ولعل ما قام به المعتصمون قد أساء لليمن واليمنيين بشكل عام، فقد كان إحتفالاً تبع عمل من أعمال الغدر والخيانة وفي بيت من بيوت الله، عمل استهدف عدد كبير من قيادات الدولة...كان إحتفالاً بالموت...
جاء مهرجان الرئيس كرد قاطع أيده غالبية اليمنيين، فقد كان إحتفالاً بالحياة وبالأمل...
وهكذا تحولت "الثورة" لدعوة للموت، وتحول "الرئيس" لدعوة للأمل......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق