الاثنين، 11 يوليو 2011

أنهبوني...

 قبل أن يذهب بالكم بعيداً.. إقرأوا هذه السطور.


نصف عام مر من عمر هذا الزمن، يوماً بيوم، وساعة بساعة  والأزمة في اليمن تزداد عمقاً، وتتحول معاناة اليمنيين إلى روتين يومي.  نصف عام من الترقب، البحث، التجهيز ووضع الأحتياطات، نصف عام زادت الكثير من اليمنيين فقراً على فقرهم، وزادت الشباب إحباطاً، وأوجدت اليأس في نفوس الغالبية العظمى من الناس.  نصف عام من الشتائم والمماحكات والبذاءات، من الصمت والتجهم الذي أصبح سمة كل وجه يمني.  من الخوف، من الدعوات للحوار والضجيج الذي لا ينتهي، من طلقات الرصاص والقتل، من المؤامرات والأغتيالات، من الفوضى التي ملأت حياتنا وشوارعنا، من العناد.... 
نصف عام من الفراغ الذي أصبح سمة أعداد كبيرة من الناس.  نصف عام ذهب سدى من عشرات الآلاف من الطلاب، ونصف عام أنضم فيه عشرات الآلاف من نخبة المجتمع إلى قائمة العاطلين ومتلقي الإعانة الحكومية، فهؤلاء يستلمون "أجوراً" لمجرد وجود أسماءهم على قوائم جامعة صنعاء وغيرها من المدارس والمنظمات الحكومية والخاصة.
نصف عام نشأت فيه آمال وماتت فيه أحلام، نصف عام يصلي الناس الجمعة ليس لأجل خالقهم، وإنما لتحقيق مآرب أخرى......

نصف عام إنكشف الغطاء عن المزايدين، وأتضحت الصورة التي غطتها الغشاوة لزمن، فمعارك الحصبة أثبتت أننا لا نختلف عن سوانا، وحادث النهدين عملية قتل ليس إلا.

أما الحكاية فتقول:

كان سكان مدينة صنعاء في منتصف القرن الماضي غالباً ما يتعرضون للنهب بين حين وآخر من القبائل، حيث كانوا يدخلون البيوت ويأخذون ما يحلوا لهم.  في إحدى المرات علم أحد سكان حارة العلمي بصنعاء القديمة أن القبائل متجهة لنهب صنعاء، فقرر هذه المرة أن يأخذ أحتياطاته فطلب الحماية من عدد من الرجال من منطقة جدر القريبة من صنعاء الذين لبوا النداء.

جاء "النهابة" وصالوا في بيوت المدينة ما شاءوا، أما بيت صاحبنا فقد "سلم" من النهب بفضل أصحاب جدر.  بعد ذهاب "الناهبين" بأيام قال صاحبنا لأصحاب جدر "والله يا قد عملتوا الواجب يا رجال قد النهابة ساروا ويمكن تروحوا ولكم الشكر"... رد عليه رجال جدر "يا عيباه كيف نسير ويرجعوا النهابة ينهبوك وتقع عيبة في حقنا، ما هذا ما احناش به".  إستمر صاحبنا في خدمة أصحاب جدر يقدم له الطعام ويهتم بهم أياماً، وكلما أخبرهم بأنه لم يعد بحاجتهم رددوا عليه بقولهم الأول.

تعب صاحبنا من خدمة أهل جدر وتملكه اليأس لعدم رغبتهم في الرحيل عنه فأتاهم رافعاً شاله قائلاً "بجاه الله.... بجاه الله.... أنهبوني... أنهبوني أفتهن"... 
ولعل هذا لسان حال اليمنيين هذه الأيام، يريدون حلاً لهذه الأزمة التي طالت وأهلكت الحرث والنسل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق