الجمعة، 23 سبتمبر 2011

نيران الفرحة.. ونيران الألم

نيران الفرحة ونيران الألم
في اليمن قد لا تختلف طقوس الفرح عن طقوس الحزن كثيراً، على الأقل من وجهة نظر الآخر، فمن يدخل مجلساً للقات قد لا يعرف لبعض الوقت ماهية هذا المجلس، فمجلس العزاء ومجلس العرس لا يختلفان، بل وعلى المرء أن يتمعن في كلمات المنشد قبل أن يقرر ما إذا كان مجلس فرح أو حزن.
يقوم اليمنيون، ككثير من الشعوب، بالتعبير عن الفرحة بإطلاق النار في الهواء، وهي عادة قديمة جديدة، وقد أنحسرت كثيراً منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى بداية الأزمة في بداية العام الحالي. كانت التظاهرة التي قام بها اليمنيون قبل حوالي ثلاثة شهور عندما تنوقلت الأخبار عن شفاء الرئيس مفاجئة، فقد أعادت للواجهة هذا النوع من الطقوس الذي كاد أن يختفي. ونظراً لضعف الدولة عمل الناس على إحياء هذه الطقوس فأصبحت من جديد تقليداً في المناسبات السعيدة يحرص الناس على أتباعه. لقد لاقى الأمر استهجاناً من عدد كبير من اليمنيين نظراً لما يسببه الأمر من أذى للآخرين قد يصل لتهديد حياتهم، لكنه مع ذلك استمر وتكرر.
صباح هذا اليوم، الجمعة – 23 سبتمبر 2011م أفاق الناس على أصوات النيران تملأ أذانهم، وكان أكبر من أن يتجاهله حتى أولئك الذين تعودوا على أصوات النيران. اعتقد الكثيرون أن "الحرب القائمة" قد توسعت، ولكن المتأنون عرفوا بأن الأمر لا يعدو أن يكون مظهراً من مظاهر الفرح، والمناسبة كانت مفاجأة للكثيرين وهي عودة الرئيس من رحلة العلاج التي أعقبت حادث جامع النهدين.
نيران الفرح هذه والتي تكررت بشكل أكبر مساء الجمعة إختلطت بنيران الألم التي أنطلقت إثر تهديدات "التصعيد الثوري" التي أطلقها العديد من قيادات "الثورة" من شباب وقيادات عسكرية وغير عسكرية. تلك النيران أحرقت الكثيرين، لكنها أهم ما أحرقته هي توحد اليمنيين ومعيشتهم المشتركة التي تتحول يوماً بعد يوم إلى تاريخ نخشى أن نفتقده.
ما أسعدنا بنيران "الفرحة" إذا ما قارنها بنيران الألم التي أنطلقت منذ أيام. نيران الفرحة قد تترك ضحايا بالخطأ، لكن نيران الألم لا بد أن تترك ضحايا وجروحاً لا تندمل. نيران الفرحة قد تجنبنا الكثير من نيران الألم، فالنار تنطلق للسماء.
الليلة تختلط النيران، فلم نعد نستبين أنيران فرحة أم ألم!
مازال الأمل قائماً، ومازلنا ننتظر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق