الرحلة لعيون سردد (2): عيون سردد
سرنا لعدة كيلومترات، سبعتنا، وكل منا يحل
على ظهره حقيبة كبيرة. أنحرفنا بعدها خارج
الطريق في سائلة صغيرة. ما أن سرنا عدة
مئات من الأمتار حتى سمعنا مناد "من أنتم؟
أين عتسيروا؟"، كان الأمر مفاجئاً، ولكننا قلنا له ببساطة أننا
"رايحين العيون" بينما أستمرينا في طريقنا.
أنعطف بنا الطريق المنحدرة عدة مرات في وادي
يضيق تدريجياً. كان الوادي وعراً ولا توجد
به ارض زراعيه، وكلما انخفضنا زادت الأشجار.
لم يكن هناك أثر لأي سكان في المنطقة، وفجأة ومن أعلى الجبل جاء صوت. استيبنا الأمر فإذا هم سكان في أحد
الكهوف. دعونا للغداء، فأعتذرنا لهم
وشكرناهم مؤكدين أننا نحمل طعامنا.
استمر نزولنا لحوالي ساعة حتى وصلنا لنهاية
السايلة مع ظهور سفح شاهق، والتقينا عنده بقطيع من الأغنام وراعيين قربها، حييناهما
وسألناهما عن مصدر الماء الذي تروى به الأغنام فقالا أن السماء أمطرت قبل عشرين
يوماً. واصلنا مسيرنا في سفح الجبل وظهر
على البعد شاهق في أسفله الوادي وبعض
الخضرة، أخيراً: عيون سردد، بدا المنظر يأخذ الأنفاس مع الارتفاع الشاهق والخضرة
التي تبدو في البعد. كان الشوق يدفعنا
للمسير بسرعة، ووعورة الطريق والأرتفاع الشاهق يجعلنا أكثر حرصاً.
درنا حول الجبل حيث وجدنا كهفا به أثار للسكن
وللأغنام فيما يبدو أنها مساكن لرعاة الأغنام مهجورة حالياً. كنا نحاول تلمس آثار الطريق التي لم تكن واضحة
حتى وصلنا لمنحدر كبير. رأى قسم منا
مواصلة النزول إلى هدفنا الذي بدا أمامنا سهل ممتنع كما يقال، رأى الأخرون تلمس
الطريق لقمة الجبل قبل الإنحدار. واصلت
المجموعة الأولى إنحدارها وكانت العيون ماثلة أمامها وتقترب شيئاً فشيئاً. بعد
حوالي نصف ساعة وصلت المجموعة الأولى للنبع.
كان الماء صافياً كالزجاج، وتظهر لألئ ملونة
من الأحجار واضحة، بينما تتحرك اسماك صغيرة ذهبية وأخرى داكنة اللون. كان خرير الماء يزيد المنظر بهجة وروعة، كان
المياه تتدفق من بين الصخور التي علتها ساقية مغطاة بالأشجار على جانبيها.... شهق
الجميع من المفاجأة فها هي الصخور تخفي وراءها شيئاً من الجنة ....بسرعة للدخول في
الماء، كانت تجربة مذهلة. كان الماء فاتراً
وكأنه على اتفاق مع حرارة الجو في ظهيرة ذلك اليوم ليكونا ثنائياً رائعاً.
ساعات
قضتها المجموعة في بركة الماء الفاتر، كان الماء أكثر سخونة من الهواء الذي سرعان
ما أنخفضت درجة حرارته، فضل الجميع البقاء في الماء، كانت المياه تتدفق زلالاً
عذباً، وكانت "عضات" الأسماك تدغدغ الأطراف. كان السويعات التي قضتها المجموعة في تحضير
الطعام كفيلة بزيادة الشوق للعودة إلى أحضان الماء حتى بدأ الظلام يحل. لم يكن هناك وقت للتفكير في الليل ولا في
ترتيبات النوم. شعر الجميع بطمأنينة عجيبة
ونسوا أنهم سيقضون الليل في قاع الوادي دون أي غطاء. حتى قصة النمر الذي أتى للوادي قبل سنوات لم
تكن كفيلة بإثارة الخوف.
أخذت مجموعة قسطاً آخر في نبع الماء على ضوء
مصباح صغير، ثم آوت المجموعة للنوم وحينها فقط خطرت في الأذهان مخاوف النوم في
العراء. كان هناك اسرة على البعد قد اتخذت
صخوراً ملجأ وعلى البعد اشعلت ناراً كانت كفيلة بإثارة الدفء في النفوس، وذهب
الجميع في نوم انتهى مع بدايات فجر جميل، ويوم آخر.
لمزيد من الصور: https://www.facebook.com/142927982513565/photos/a.474179706055056.1073741833.142927982513565/474180042721689/?type=1&theater
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق