الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014


الرحلة لعيون سردد (1): شعب مصملي

(جزء من رحلة من صنعاء لعيون سردد خلال أكتوبر 24-26، 2014) -تابع بقية تفاصيل الرحلة

بعد تفاوض استقلينا سيارة الهيلوكس في فرزة مذبح بإتجاه بيت قطينة.  مائتي ريال يضعها سائق السيارة في يد أحدهم في فرزة المحويت، سألناه ما هذا؟، قال "حق السيد" ثم صمت.  سأله أحدنا: يعني حق الفرزة؟، رد بضيق "لا حق السيد"، يستوضح صاحبنا أكثر، يعني غير حق الفرزة، يرد "أيوه". سأل من أين نحن وما الهدف من ذهابنا لبيت قطينة.  قلنا له بأننا من أماكن مختلفة واننا في زيارة سياحية لوادي سردد.

قال أنه من المحويت، ومع مرورنا من نقاط "الحوثي"  أبدى تأففه، وقال أما نحن في المحويت فقد آمنا برسالة!  سألناه كيف؟  قال بأن "السيد" طلب مشايخ المحويت وبأنهم أعلنوا ولاءهم له، وبذلك "جنبوا المحافظة النزاعات" بعد أن اتفقوا مع "السيد" على ألا يقيم أية نقاط في بلادهم مقابل أن يضمنوا مرور رجاله في أي وقت في المحافظة دون إعتراض وفتح الطرق.

أخرج ملزمة يحتفظ بها تحت مفرش الطلبون قائلاً "هذه ملزمة السيد"، وكانت الملزمة معنونة "لتحذن حذو بني أسرائيل"، قائلاً اقرأوها.  أخذناها نتصفح فيها بينما واصل هو شرحه حول محتواها قائلاً بأن "السيد" منع المرأة من أي عمل وامرها بأن تلزم بيتها، وكان حديثة على وجه الاستهجان لهذا الموقف، واستغربنا نحن من موقفه، ولعله ادرك ذلك فسارع ليشرح لنا أنه خريج جامعة صنعاء قسم المحاسبة.  ونحن نمر بنقاط الحوثي الكثيرة، ومازلنا في محافظة صنعاء، كان يخفض صوت المسجلة قائلاً "هم يمنعون أي غناء إلا أيوب طارش أو الحارثي"، ضحكنا، فأكد علينا وأقسم بأن ذلك صحيح.

مررنا من جديد على نقطة تفتيش أخرى للحوثي في الظفير الجديدة، وشرح لنا كيف أن الحوثيين قد استولوا على ما تبقى من القرية عند دخولهم للمنطقة بعد مواجهات قاع المنقب، وكيف أن الناس في المنطقة كما في المحويت قد استسلموا للقادم الجديد، وكيف قام من كان يقوم بقطع الطريق برفع التقطعات، وأكد على قوله "هذا شعب مصملي".

تشعب بنا الحديث حول وضع البلاد وأبدى معرفة كبيرة محللاً الوضع بأنه يترحم على أيام "علي عبدالله صالح" التي تمكن فيها من شراء سيارته بالتقسيط وسدد جميع الأقساط خلال عام واحد فقط ومع أنه لم يتمكن من الحصول على "وظيفة".  سمير، وهذا هو أسمه قرر أن يترك العمل في القطاع الخاص ليعمل في نقل الركاب بين صنعاء والمحويت يرى بأن عيب علي عبدالله صالح يكمن في أنه ترك الحبل على الغارب للمشائخ لظلم الناس وأضعف الدولة أمام هؤلاء.

دخلنا على منطقة باب الأهجر الشهيرة، بدا المنظر ساحراً، بالرغم من أن الوادي تغير لونه على مر السنين من اللون الأخضر البهيج إلى اللون الداكن، لون شجرة القات.  أشار لسفح الجبل قائلاً "شوفوا هذا بيت سميع.. مسكين ما قدر يشطبه"، وكان المبنى مبنى ضخم من دورين، ثم أشار لمنطقة مرتفعة قائلاً أن بها متنزه حصل خلاف حوله بين أن تديره جمعية تابعة لسميع أو المحافظة، وبذلك أغلق المتنزه الذي أنشأته الدولة كما قال.  قال بأن سميع وبعض المشائخ عارضوا التسليم للحوثي، وأكدوا على أهمية مقاومته لكن كبار المشائخ قالوا بأنه إن من لم يلتحق بهم فإنه يتحمل المسئولية، وبأنهم لن يقدموا له أي مساعدة في المستقبل في حال أحتاج إليها وبأن "الوجه من الوجه ابيض".

أنحرفنا في منطقة بيت قطينة يساراً في طريق مسفلت، لندخل وديان خصبة، وبعض عدة كيلومترات تجازتنا سيارات مدججه بالسلاح، فأشار إلى أنها خاصة بشيخ المنطقة، ثم أشار للظلم الذي يمارسه المشائخ على الناس، مدللاً على كلامه بأن الشيخ "عبداللطيف"، الذي قال أنه كان أكبر مشائخ منطقة بيت قطينة قد اسرف في الظلم حتى أن الناس كانوا يتجنبوا أظهار أية أموال يملكونها، وبأن ظلمه بلغ أنه كان يحكم وينفذ أحكام إعدام آخرها في العام 2013.  عبداللطيف توفي في حادث ليتنفس الناس الصعداء، ويبدأوا بتحسين معيشتهم وبناء بيوت جديدة أشار إليها عند مرورنا، وهو أمر ما كانوا يجرءون عليه في وجوده.

أصر سمير على إيصالنا إلى آخر نقطة ممكنة متجاوزاً بذلك أتفاقنا على أن يوصلنا لنهاية الاسفلت مضفياً كرمه علينا،  أنزلنا أمتعتنا، وشكرناه وتمنينا له التوفيق.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق