شكراً نصر الله
28 مارس 2015
لم أكن يوماً شيعياً ولا أتخيل أني سأكون ليس
لشيء إلا لأني عزوف عن تقديس الأشخاص، وأومن ألا أحد من البشر يستحق أن يكون في
منزلة أعلى، وإن كنت أرى أن الأنسان يمكن أن يتميز بما يفعله، لكن ذلك لا يستوجب
شيء أكثر من الأحترام.
أبعد أكثر من مائة كيلومتر عن صنعاء، وعشرات
الكيلومترات عن أقرب هدف محتمل للحرب التي تشنها الطائرات على اليمن منذ يومين،
وقد أمتلئت النفس غصة وحسرة، فلعل وجودي في مكان الحدث سيخفف من إحساس بالذنب، لا
أدري. في هذه القرية الصغيرة يبدو الناس
منهكين، نخرج من صلاة الجمعة فلا شيء إلا كلمات سلام قليلة تخرج من الأفواه. الإنكسار هو السمة الغالبة على وجوه الناس فلا
رغبة في الحديث، وحتى أولئك الذين نعتقد أنهم سيكونون سعيدين بما يحدث، وحتى خطيب
الجامع الذي سمى ابنته "توكل"، لهج بالدعاء على المعتدين، وتلى سورة
الفيل.
في هذا الجو الذي غاب فيه الأمل، ووسط الخوف
من المجهول وأثر ذلك على حياة الناس، ووسط أخبار القصف المستمر على صنعاء، والحرب
التي تزداد ضراوة، وبينما نقلب القنوات التلفزيونية لنسمع ونرى علامات النصر على
شفاه ووجوه العرب الكالحة، وإذا نحن نبحث عن بصيص أمل بتوقف العدوان، فلا نجد إلا
دعوة هزيلة من رئيس اليمن السابق الذي تقول القنوات بأنه أحد المستهدفين من الحرب،
إذا بطلة لحسن نصر الله.
مر زمن منذ فكرت بمشاهدة نصر الله، فهو محسوب
على الحوثيين، وهو الذي أطل قبلها لمرات ليعلن انتصاراتهم، ولكوني معارضاً
للحوثيين وما يقومون به، فلم يكن لي أدنى رغبة بمشاهدة خطاباته، بالرغم من علمي
المسبق بأنه "اكثر القادة العرب طلاقة وأوسعهم حجة ومنطقاً". توقفت لأستمع فإذا هو يتحدث عن الحرب على
اليمن.
بدا الحديث منطقياً، قوي الحجة ومنظماً، أوصل
الرسائل لمن أراد أن يستمع، أنتقد "العرب" الذين قرروا مهاجمة اليمن
بحجة أنها اصبحت تحت السيطرة الإيرانية، وبين أن هؤلاء "العرب" انفسهم
هم الذين رموا بالعراق وسورية وغيرها من البلدان لأحضان إيران، وفي نفس الوقت أنكر
مبرر الحرب قائلاً بأن الحقيقة هي أن السعوديون رأوا اليمن تخرج من بين أيديهم ومن
تحت سيطرتهم.
أنتهى الحديث بالتأكيد على فشل العدوان على
اليمن مهما بلغت القوة المستخدمة. لقد استطاع نصر الله تعرية العدوان، وبعث قليل
من الأمل في نفوس "مهزومة"، فشكراً نصر الله، ظهرت قائداً وعظيماً في
وقت غاب فيه الرجال عند هؤلاء "العرب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق