كوابيس الربيع
( كوابيس ايقظتني في ليل شتاء قارص وطويل، مثلما ايقظتني، كطفل، احلام ربيع مبكرة في ليالي شتاء ٢٠١١)
( كوابيس ايقظتني في ليل شتاء قارص وطويل، مثلما ايقظتني، كطفل، احلام ربيع مبكرة في ليالي شتاء ٢٠١١)
مع اننا أمة لا تمتلك الا التاريخ نفتخر به ونعيش على أطلاله، الا اننا قلما نستفيد من دروس وعبر التاريخ، وقلما نستخدم تلك الدروس في صنع مستقبلنا. في حاضرنا المؤلم ومستقبلنا المظلم، لنراجع بعض الأحداث التاريخية لبيان ما ذكرته.
في الثمانينات من القرن الماضي حاول الاسلاميون في الجزائر الوصول للسلطة عبر الانتخابات، وحتى قبل ان يستلموا الحكم أشاروا الا انهم سيغيروا قواعد اللعبة، وكان ما كان من انقلاب منعهم من تسلم السلطة وأشعل حرباً أهلية استمرت لأكثر من عقد من الزمان ودمرت فيه الجزائر كبلد غني بالموارد.
في التسعينيات من نفس القرن، وبعد ان قاتل العراق ايران لأكثر من عشر سنوات، لمنع تصدير الثورة الإيرانية، وبدعم من دول الخليج خاصة والدول الغربية، استدرج العراق الى فخ الكويت ليتم بعد ذلك وبأيد خليجية وعربية تدمير العراق تحت مبررات وذرائع متعددة أقبحها تخليص العراق من الدكتاتورية وإقامة نظام ديمقراطي. وسقط العراق محتلاً ثم ضحية لحروب طائفية كانت متوقعة، والأنكى من ذلك انه تحول، اي العراق، الى جرح في خاصرة دول الخليج والدول العربية عامة، وأداة لتصدير الثورة الإيرانية. ولم يبق للعراقيين من وطن.
تحت مبررات محاربة الدكتاتورية والانظمة الفاسدة والتوريث، اشتعلت نيران الربيع العربي، واستدرجت الجماعات الاسلامية لقيادة تلك الثورات لانها كانت الأكثر تنظيماً وقدرة على تحريك الشارع. وقعت تلك الجماعات في فخ يشبه تلك الذي وقعت فيه الجماعة في الجزائر، وقعت جميعها. لم تتعلم من درس الجزائر ولا حتى تعلمت من تجارب دول الربيع العربي نفسها. سقطت ليبيا، وفشلت مصر، وتبعتها اليمن، ولم يتعلم العرب شيئاً من أكبر كارثة إنسانية صنعوها في سوريا. ويبدو ان البقية ستلحق فالاردن يغلي والبحرين.
تحول واقع العرب الراكد، الى مستنقع لا حياة فيه، وأصبحت الدول العربية اكثر مناطق العالم تصديراً للاجئين الهاربين من جحيم، ليس جحيم الأنظمة المستبدة، بل نار الجماعات المستبدة التي لا حدود لاستبدادها، بل والقناعات المستبدة، ليتحول الربيع العربي وأحلامه الى سراب، بل الى كابوس شتاء طويل لا ينتهي.
قيس علي الارياني
قيس علي الارياني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق