ثورة الشباب... هل سرقت؟
17 مارس 2011م
قد لا أكون مبالغاً في القول أن الإحباط يسود غالبية اليمنيين هذه الأيام، فالبرغم من أن المؤشرات تدل على أن الغالبية كانت ومازالت تدعم التغيير، فقد رأينا كيف عبر اليمنييون عن ذلك من خلال دعمهم للثورتين التونسية والمصرية، ولا يكاد يخلو حديث اليمنيين من التغني بهاتين الثورتين، ولا شك أن اليمنيين عانوا ويعانوا من فشل النظام القائم في تلبية طموحاتهم، ومهما أختلفت الظروف فإن النتيجة واحدة وهي رغبة اليمنيين بالتغيير، وتلك الرغبة عززتها نجاح التونسيين والمصريين في إحداث هذا التغيير، ولكن لماذا الإحباط؟
مرت خمسة أسابيع منذ إنطلاق حركة الشباب للتغيير، التي كانت في بدايتها مليئة بالعنفوان، تماماً كعنفوان الشباب، وكان الناس على مختلف مشاربهم يتحدثون عنها بإعجاب، وأمل الناس أن تسير بسرعة نحو تحقيق التغيير المطلوب. في الأسبوع الثاني والثالث بدأت الصورة تتضح أكثر، فالظروف مختلفة والزخم لم يكن كافياً، وقد أستفاد النظام من تجربتي تونس ومصر فأستطاع إحتواء الثورة. في الأسبوع الثالث إنضمت المعارضة ممثلة باللقاء المشترك للثورة، وبسرعة أستطاعت أخذ زمام المبادرة من الشباب في ساحة التغيير الرئيسية في صنعاء. في البداية بدا أن المعارضة تلعب دوراً تنظيمياً فقد كانت قدرات حزب "الإصلاح" التنظيمية مطلوبة لتنظيم الساحة، وقد استطاع الإصلاح بذكاء توزيع الأدوار بحيث لم يظهر مباشرة، وكان هناك اتفاقات لتوزيع الأدوار فأعطيت كل القوى دوراً ما.
سرعان ما ألتحقت بالساحة قوى جديدة مثل النقابات وممثلي المهن مثل الأطباء والمهندسين وبعض القوى "القبلية" بل والطائفية مثل الحوثيين والسلفيين. هذه القوى طالبت بحصتها من "ساحة التغيير" وقد حصلت عليها. في ساحة التغيير تكون مجتمع يمني مصغر بدا أنموذجاً رائعاً لما يمكن أن تكون عليه اليمن في المستقبل من تعايش في سلام.
الصورة لم تكتمل، فقد لحقت بعض الشخصيات والمواقف التي جعلت "غالبية اليمنيين" تعيد تفكيرها فيما يحدث في "ساحة التغيير". شخصيات يشوبها بعض الشوائب، فذاك شخصية تتسم بالطائفية المفرطة والتعصب، وتلك كانت بالأمس أحد الأذرع الأساسية للنظام، وأخرى تشتهر بالفساد، ورابعة من عائلة تاريخها يتميز بالعمالة والتفريط بالوطن، وهكذا.... هؤلاء لديهم المال والنفوذ ولديهم الحضور ليظهروا، وقد روج لهم "كدليل على فشل نظام الرئيس صالح" واستخدموا كذلك... بل وبالغ البعض بالإحتفاء بهم...
إذن فقد دخل "ساحة التغيير" الكثير مما يثير القلق، وقد أصبحت "ساحة التغيير" صورة جديدة لنظام "التوافقات" و "التوازنات" و "المصالح" وأصبح "الفاسدون" يمرحون فيها كغيرهم، بل وفي الصف الأمامي في كثير من الأوقات.
الشباب مازلوا هناك، ولكنهم لم يعودوا في المقدمة، فالمال والنفوذ واصحاب المصالح أمسوا هناك يقودون الركب ويقررون. الشباب مازلوا يحملون حلمهم، وحلم الملايين، الأغلبية التي تتطلع للتغيير، ولكن أين يتجه الركب؟ وما هي النتيجة؟ ... لا شك أن الشباب أقل قدرة من "السياسيين" من أصحاب "السوابق" الذين يمتلكون الخبرة، فهل يخدعون؟.. من هم قادة الغد، هل للشباب نصيب فيها، وكيف يتحول "الفاسدون" لقادة الثورة، وماذا ستكون نتيجة هذا؟
ملايين اليمنيين يحملون الأمل بالتغيير، لكن الشك وأحياناً الأحباط أصابهم، فهم لا يثقون بالثورة و "بقادتها الجدد"، فهل يستعيد الشباب ثورتهم لتكتمل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق