الاثنين، 21 مارس 2011

آخر الرجال الشرفاء.. والثورة في اليمن


آخر الرجال الشرفاء والثورة في اليمن

21 مارس 2011

كنت أرجو في مثل هذا اليوم أن أحتفل بعيد الأم، فهو رمز للوفاء على كل حال، وهو إشارة إلى تكريم من يعطي ممن يأخذ، ولكن الأحداث كانت أكبر مني.....
اليوم، وفي تطور درامي تسارعت الأحداث في اليمن، ولازال البعض غير مصدقين لما يحدث.  إنضمام الأخ غير الشقيق للرئيس علي عبدالله صالح إلى "ثورة الشباب" وبكامل قواته هو تحول خطير للوضع في اليمن وما يمكن أن تسفر عنه الأيام القادمة.  لمن لا يعرفه فعلي محسن الأحمر ظل على مدى سنوات اليد الطولى لعلي عبدالله صالح، قاد قطاعات واسعة من الجيش في مواجهات عدة لعل أهمها حرب 1994م ثم الحروب المتوالية ضد الحوثيين.  علي محسن الأحمر حليف قوي لحزب الإصلاح بل أحد أركانه الثلاثة: مشائخ الدين ومشائخ القبائل وعلي محسن.
سيطرة حزب الإصلاح على ساحة التغيير في صنعاء بدأت عبر استغلال قدراته التنظيمية، وقد ظل يعمل بحياء من خلف الستار في إدارة أمور الساحة التي توسعت، وظل حزب الإصلاح يعمل في خلفيه المسرح هناك فأعطى كل لاعب دوره، واحتفظ لنفسه ربما بدور المخرج.  مشائخ القبائل كانوا السباقين للتواجد في ساحة التغيير، ثم تبعهم مشائخ الدين، ومع تطور الأمر ظهر على محسن في الخلفية وكان ظهوره منسقاً يوم الجمعة الدامية، فأصبحت مداخل ساحة التغيير التي يسيطر عليها هي الوحيدة "الآمنة"، وقد كانت هذه التوطئة النهائية لدخول على محسن نفسه الساحة.
في أيام مضت حدثت مشادات عدة بين الشباب الصافي النية وبين عناصر الأصلاح التي ساءها أن ترى إسم علي محسن الأحمر في قائمة تتضمن 42 إسماء من عائلة الرئيس صالح المطلوب رحيلها، او محاكمتها.  كان علي محسن يحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة، وقد تجده في المرتبة 15 او 16 ضمن قوائم كانت توضع وتوزع في ساحة التغيير.  بعضهم قال أن علي محسن كان في الجيش قبل الرئيس، وبعضهم أشار إلى أنه يدعم الثورة، أما الشباب فلم يسرهم ذلك، وكان الحوثيون أيضاً هناك غير مسرورين بمحاولة تجميل الرجل، وكذلك الحزب الإشتراكي الذي يراه عدواً لدوداً لدوره أثناء حرب 1994م.
إذن تغلب حزب الإصلاح في النهاية، وجاء علي محسن بعدته وعديده لينظم "للثورة".  كان الشباب قبل ذلك مهيئون لدخول على محسن الساحة، فخلال أيام دار نقاش حول دخول عناصر أخرى محسوبة على النظام، بل إنها لا تتمتع بأي مصداقية وتاريخها في الفساد أسود من تاريخ الرئيس صالح نفسه، لم يكن الشباب يحسبون لهذا الأمر حساباً، ولكنهم رضخوا للأمر الواقع قائلين أنهم سيقبلون كل من ينظم إليهم كاستراتيجية مرحليه، وحماسهم يقول بأنه في المستقبل ستكون لهم الكلمة الفصل في محاكمتهم.  كما قلنا فإن ما حدث يوم الجمعة كان قد هيأ الساحة ومهدها لدخول علي محسن وألتزم الشباب والحوثيون والاشتراكيون الصمت.
إنضمام  على محسن للثورة ليس جديداً فقد إنظمت عناصر أخرى من النظام لكنها المرة الأولى التي ينظم فيها جزء من النظام "دون أن يقدم استقالته"، والأهم أن هذه هي المرة الأولى التي ينظم فيها قائد من قادة الجيش.  إنضمام علي محسن سيحول الثورة عن أحد أهم أهدافها وهو إسقاط نظام الرئيس صالح، وليس إسقاط الرئيس صالح فقط، وإنضمامه يمثل رمزياً أول تنازل في مطالب الشباب بمحاكمة قائمة ال 42 الذي تضم الرئيس وأقاربه.  
من ناحية أخرى فإن إنضمام علي محسن كذلك يمثل تراجعاً عن مطلب مهم من مطالب الثورة، وهو محاسبة من يتهمون بالفساد، وأولئك الذين ساهموا في دعم نظام صالح واستمراره وقيامه بإنتهاك حقوق الناس.  وقد شجع إنضمام علي محسن أقطاب عديدة لنظام صالح لحذو حذوه فتوالت الإستقالات وبيانات التأييد للثورة من مشائخ للقبائل ووزراء وسفراء وأعضاء لمجلس النواب وغيرهم، ولسان حالهم يقول "يا فكيك".....  
هل ننتظر إنضمام عناصر أخرى من قائمة ال 42 ل "ساحة التغيير"، وما قولكم في إنضمام الرئيس صالح نفسه، ونفتح "صفحة جديدة" كما أقترح أحد الأخوة المحتمسين في معرض نقاش على الفيس بوك؟

هناك تعليقان (2):

  1. لا يمكن لنا ان نغفل عن أن التهيئة الحقيقية لأنضمام علي محسن الى (الثورة) كان حادث الجمعة والذي اندفعنا جميعا لاتهام النظام بارتكابه، ولكن عودة للتحليل المنطقي يتضح أن احتمال آخر قد برز لمن قد يكون مستفيدا من الحدث. فإذا سألنا: هل كان بامكان علي محسن ان ينظم الى (الثورة) دون مبرر كهدا؟ الجواب هو بالتأكيد لا لأن موقفه لن يفسر داخليا وخارجيا الا بأنه انقلاب عسكري. الصورة هنا لا يمكن مقارنتها بالحدث المصري حين تولى الجيش مسؤولية حفظ الامن كمؤسسة وطنية محايدة كانت تحمي المتظاهرين باعتبارهم مواطنين يمارسون حقا شرعيا وفي نفس الوقت تحمي الشرعية الدستورية كواجب اساسي لمؤسسة الجيش. مارأيناه يوم الاثنين الفائت هو انظمام قائد عسكري تبعه قادة اخرون يمثلون تيارا سياسيا معروفا في البلاد وفي ميدان الاعتصام في نفس الوقت. وقد لاحظنا كيف انقلب خطاب الجناح المدني للانقلاب في تصريحات محمد قحطان ودعوته الى جمعة الزحف التي كان يفترض فيها الدفع بالشباب الى مذبحة على يد الحرس الجمهوري لكي يتدخل علي محسن بقواته بحجة حماية المدنيين ولحسن الحظ افشل وعي الشباب هذه الخطوة. اليوم نقف جميعا وسط انقلاب عسكري غير مكتمل وهو يحتاج لاكتماله الى خطأ واحد يرتكبه الخصم الذي يبدو انه يعي هذا جيدا ويحاول ان يجر خصمه الى ارتكاب خطأ بدوره يسمح له باستخدام القوة باسم الشرعية. انها لعبة اعصاب بين رجلين يجيدان هذه اللعبة جيدا والضحية هي نفس الضحية التي كانت ضحية للرجلين على مدى ثلاثة وثلاثين عاما.

    ردحذف