الثلاثاء، 5 أبريل 2011

الحرب الدائرة في اليمن

الحرب في اليمن قامت منذ أسابيع ومازالت رحاها تدور وكل يوم يزيد عدد ضاحاياها.  الحرب الدائرة في اليمن ليست مواجهات عسكرية، أو قتال، ليست صراعات جسدية بين مؤيدي النظام ومعارضيه، وإنما هي حرب تستهلك العقول والنفوس، فهي ساحتها، وهي مجالها، وهذه الحرب ومهما خلفت من ضحايا فإن أحداً لن يهتم بها، لا دعاة السلام، ولا أصحاب المصالح، لا الغرب ولا الشرق، لا الولايات المتحدة، ولا النظام ولا المعارضين.

الحرب الدائرة في اليمن هي حرب إعلامية شرسة، ولولا أني أقطن في صنعاء على مسافة بسيطة من ساحة التغيير، ولولا أن ظروفي تتطلب التنقل المستمر بين أنحاء العاصمة صنعاء لربما لم يخطر ببالي أن الحرب فعلاً على أشدها.  لنبدأ بأدوات الحرب، حيث يمتلك النظام عدد من الأدوات الإعلامية صحف، مجلات، مواقع إنترنت، ثم التلفزيون والإذاعة.  تقوم هذه الأدوات بالترويج لوجهة نظر النظام فيما يحدث.  في المقابل يستخدم المعارضون عدداً من الأدوات تشمل أيضاً عشرات من الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، إضافة لعدد من القنوات الفضائية أبرزها الجزيرة وسهيل.  ويشترك الطرفان بموقع الفيسبوك.

قد يعتقد البعض أن النظام يمتلك الكثير "إعلامياً" ولكن ذلك غير دقيق.  إن الجهاز الإعلامي للنظام جهاز عتيق لكنه مهترئ، جهاز ظل يعتمد على "سلطة الدولة" وليس على معايير مهنية.  جهاز يفتقد في أحيان كثيرة للمصداقية، فهو يعبر عما يراه النظام وليس عما يحدث في الواقع.  جهاز إعتمد على نسخ وترجمة الأخبار وليس نقلها من مواقعها.  لهذا كله فالجهاز الإعلامي للدولة جهاز بأدوات قديمة يعيش عصراً جديداً برغم محاولات التجديد.

في المقابل يعتمد معارضو النظام على عدد هائل من الصحف، معظمها أشبه بالصحف الصفراء التي تنقل الأخبار بغرض الإثارة، وقد ظلت على ذلك لسنوات.  صحف لا يمهما مدى دقة الخبر، بقدر ما يهما مدى قدرته على جذب القراء، وصحفيون تعلموا هذا الفن وأتقنوه.    صحافة المعارضة تعتمد على أن كل ما هو معارض للنظام فهو "جيد".  يضاف إلى ذلك عدد من المواقع الإلكترونية البعض منها إكتسب بعضاً من الإحترام لأنه (كان) ينقل "كل ما يرد إليه" إي أنه يعبر عن رأي العامة والخاصة، ولو أنه تبدل خلال هذه الأزمة ليكون في صف المعارضة بشكل كامل.  قنوات الجزيرة (يطيب لي تسمية الجزيرة بالجزيرة دراما، أما الجزيرة مباشر فهي أشبه بالجزيرة أكشن) أخذت أيضاً صف المعارضة بشكل كامل فأستخدمت عبارات التحريض ورفعت أغاني الثورة وعملت على تخصيص كل الوقت اللازم لنقل أنشطة المعارضة، بل أكثر من ذلك أنها سعت للترويج لخطط المعارضة ونقلها للشارع مستغلة الثقة التي أعطاها الناس لها.  قناة سهيل، ومثلها قناة السعيدة إعتمدت خط المعارضة وسعت للترويج لها عبر الوسائل المختلفة.

إذن فنحن أمام حرب إعلامية شرسة، طرفها الأول معارضي النظام، وطرفها الثاني النظام.  الطرفين يفتقدان للموضوعية في نقل الأحداث بحيث أصبحا طرفين في هذه الحرب، والضحية هو الإنسان اليمني وإليكم بعض الآثار لهذه الحرب:

- قامت هذه الحرب بخلق إحتقان لدى الشارع واججته، فأصبح الشارع اليمني منقسم بين معارض ومؤيد، وبحيث أصبح كل طرف يرى في الآخر عدواً لدوداً له.
- وترت هذه الحرب حياة الناس على جميع المستويات، فلم يسلم منها حتى الأطفال الذي أصابت الكثير منهم حالات من الإكتئاب.
- جعلت هذه الحرب الناس في قلق دائم مما أثر على الجوانب الإقتصادية وجعلت الكثير يعانون من إنخفاض دخلهم، وبالتالي إنتقال الآلاف لخانة "العاطلين عن العمل".
- هيأت هذه الحرب الجو لحدوث مواجهات "بدنية" أو حتى بالسلاح نتيجة للتحريض.
- جعلت الحرب الناس لا يستوعبون من الصورة إلا ما يريدون رؤيته، ومهما كانت الصورة واضحة
- قللت هذه الحرب من إمكانية حدوث حل للأزمة فكل طرف "يستقوي" بالشارع إضافة لأوراقه الأخرى.

إن من يعيش في صنعاء، وعنده الشجاعة او الحاجة للتنقل في إنحاء المدينة يشعر بالألم للترويج الأعلامي الذي يهدف لإخافة الناس وترويعهم.  بالأمس تلقيت إتصالات من أصدقاء في عدد من الدول وكانوا جميعهم في حالة رعب لما يحدث في اليمن بعد متابعتهم للقنوات الفضائية- خاصة "الجزيرة دراما".  السؤال هو لماذا يحاول الإعلام زيادة معاناة الناس؟ وإلى متى يسعى الإعلاميون لتأليف "الحبكة" دونما أدنى مراعاة لأثرها على الإنسان، وما قد تسببه من ضحايا؟.....

حتى كتابة هذه الكلمات (صباح الأربعاء 6 أبريل) مازلنا شوارعنا هادئة وحياتنا تسير بشكل أعتيادي، يملؤنا جميعاً التوتر والقلق، ولكن لا أكثر من ذلك فأطمئنوا .......


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق