السبت، 30 أبريل 2011

جمعة مباركة... وليام وكيت أيضاً

ها هي جمعة جديدة تمر، هي السابعة كما يقول العادون، جمعة تمر على اليمن منذ بدء هذه الأزمة، تعودنا على "الحشود" من طرف النظام، ومن طرف "المعارضة"، ما ميز هذه الجمعة هو العرس الملكي لوليام وكيت.

الكثير من اليمنيين أحتشدوا هذه المرة أمام التلفاز لمشاهدة قصة قلما تكون من الواقع، تداعب أحلامهم الصغيرة مثلما تداعب مخيلات وأحلام الناس في كل هذا العالم.  في هذه الجمعة كان العرس هو المميز للنقاشات والحوارات أينما ذهبت.  في هذه الجمعة تركز حديث الناس عن فستان كيت، ورداء وليام، عن الكنيسة، عن التنظيم، عن المراسم، عن كل شيء يتصل بهذا العرس.  منا من رجع بذكرياته لعرس الأميرة ديانا الشهيرة، ومنا من رجع يقارن بين الأميرتين، ومنا ومنا..... ظهر العرس كحكاية من حكايات الأساطير التي مازالت تحكم العالم في القرن الحادي والعشرين غير عابئة بكل ما وصل إليه العالم من "تطور".

أعجبنا بالحشود المتجمعة وكثرتها، قيل لنا "ستمائة ألف"، هذه الحشود التي ملأت لندن، ستمائة ألف كما قيل لنا.

 البي بي سي البريطانية نفسها قدرت حشود العرس بستمائة ألف، وهي نفسها التي قالت أن " الملايين أحتشدوا في صنعاء" ضد الرئيس و "مئات من مؤيديه"!

ماذا لو استخدم هؤلاء نظارات اليمن ونظروا لعرس الأمير وليام والأميرة كيت لربما قدروا عدد المحتشدين ب 600 مليون .....

مبروك للأميرة كيت وللأمير وليام،

وجمعة مباركة!

الاثنين، 25 أبريل 2011

الصادق

صادق، عرفته منذ حوالي سنتين، شاباً تخرج من جامعة صنعاء قسم اللغة الأنجليزية، بدأ بالبحث عن عمل، حدثني ذات مرة يطلب مساعدته في الحصول على عمل، وقتها عرفت أنه عمل لفترات قصيرة وأشتكى من كثرة العمل مع "قلة الراتب".  نصحته بأن يعمل ولو "بدون مقابل" فذلك سيمكنه من إكتساب بعض الخبرة الضرورية، لم يبد حماسة كبيرة لفكرتي.

يتصف بالهدوء، متردد في الحديث مع الناس، هكذا عرفته.  قبل أكثر من شهرين حدثني عن "الثورة".  أخبرني بحماس بأنه يذهب ويشارك في الساحة، وأكد لي أن هدفه هو التغيير، وذكرني بأنه لم يحصل على عمل بعد وأن "الفساد" هو السبب في ذلك.  عجبت لحماسه المفاجئ، ومما أثار عجبي أن موقفه ذلك يأتي مخالفاً لموقف أبوه الذي وصف الشباب والمطالبين بالتغيير "بالمخربين".  الأب أشتكى من إبنه الذي يذهب لساحة التغيير.

بالأمس فقط ألتقيته بعد أسابيع، كعادته لم يتحدث كثيراً، رد بإقتضاب على سؤالي عنه.  سألته إن كان إسمه قد ظهر ضمن قائمة الموظفين الجدد التي أعلنت عنها الحكومة، أجاب النفي قائلاً أن القائمة شملت فقط المتخرجين حتى 2006م.

بعدها ألتقيت الأب فسألته عن أحوال إبنه، أجاب الأب بأن صادق يشترك في مجموعة للمتطوعين الذين يدرسون في عدد من المدارس الحكومية، قال بأنه تم طلب متطوعين من الخريجين لتغطية العجز الذي خلفه غياب بعض المدرسين (أو إضرابهم) في أمانة العاصمة نتيجة للاحتجاجات والإعتصامات، وقد أبدى صادق الحماس لذلك وألتحق بالمجموعة.

ما أثارني أن صادق إقتنع أخيراً بأن يعمل "متطوعا" وذلك لا شك سيفتح أمامه أبواباً للعمل، أما ما أثار إعجابي أن صادق الذي أكد لي أنه ضمن قوائم الشباب المطالبين بالتغيير قد بدأ بنفسه، فها هو يساهم في خدمة مجتمعه، ويقدم رسالة إنسانية لتعليم الأطفال.

صادق، لم يمنعه إلتزامه بدعم حركة الشباب عن التطوع لتغطية العجز الذي خلفه زملاء له أختاروا أن يعتصموا ويتركوا مهامهم كمعلمين.  صادق لا يرى تناقضاً بين دعمه لحركة التغيير، وما يؤديه من عمل "تطوعي" لخدمة مجتمعه، ما قد يبدو في أول وهله ضد تلك الحركة.

صادق .... مثال للتغيير الذي يجب!

بين الخير والشر

نحلم دائماً بعالم تملؤه السعادة، عالم يسود فيه العدل والمساواة، عالم يسوده الخير.  تلك آمال البشر وأحلامهم منذ خلق الله الإنسان على الأرض، وذلك سعي بني البشر.....

مثلما يوجد الخير في نفوس الناس، يوجد كذلك الشر، فلا خير كامل، ولا شر كامل. غالباً ما نهمل هذه الحقيقة في سعينا نحو الحياة، فمنا من تأخذه الحياة إلى عوالم يغلب عليها الخير فيعيش حياة مستقرة يشعر فيها بالأمان ويمضي فيها يعمل، ومنا من يعيش في عوالم يزيد فيها الشر، ولكل إنسان قدرة على أدراك الخير والشر فالبشر ليسو متساوين، وبحسب الإدراك يتكون موقف الإنسان.

عندما نتعرف على إنسان ننظر فيه، قد يكون طيباً خيراً فننجذب إليه.  تمر الأيام فنكتشف جوانب أخرى من ذلك الإنسان تختلف عن طبائعه التي ظهرت في بادئ الأمر.  نكتشف جوانب "الشر"، ماذا نفعل؟ .....قد يؤدي ذلك إلى عزوفنا ونفورنا، أوقد نبرر لهذا الإنسان هذا "القصور".

سئم الكثيرون منا في اليمن ما نحن عليه.  سئمنا إختلال موازين الحياة، رأينا الظلم و "الشر" يسود، ورأينا "الخير" يضمحل يوماً فيوم.  رأينا الناس يستسلمون للواقع، يسيرون في ركب الحياة، يديرون شئونهم حسبما أتفق، منهم من لا يدرك شيئاً، تأخذه الحياة ويصارع ويمضي بحياته، ومنهم من يؤلمه الواقع، يحاول التكيف معه، يعمل وتظل غصة في حلقه، يأمل بمستقبل أفضل، ومنهم من يرى الحياة صراع مستمر فلا يكاد يرى حاجة غير "الفوز" بما أستطاع الوصول إليه.

جاءت حركات الشباب في العالم العربي سريعة، جاءت تفتح نوافذ جديدة للأمل، فهذه الشعوب العاجزة تنتفض عن واقع مر جعلها في أسفل قائمة الدنيا.  وكأن لسان حال هذه الشعوب يقول بأنها تستحق أكثر من هذا....

في اليمن، خرج المتطلعون، ليس للحرية، فاليمن يتمتع بهامش يفوق الكثير من الدول، ولكن للعدالة، لمستقبل أفضل من واقعه، يتطلع لفتح آفاق جديدة لحياة كريمة.  خرج آلاف اليمنيين ليس للأمساك بسلطة أو الحصول على مال، وإنما لوضع أساس جديد لحياة جديدة يكون فيها "الخير" هو السائد.

ما هي إلا أيام، وألتحق بركب المتطلعين المزيد من الناس، أناس لهم دوافع أخرى، منهم من يسعى وراء سلطة، ومنهم من يسعى وراء مال، ومنهم من يملؤه "الشر".... إلتحق بركب المتطلعين من لا يؤمن أصلاً بوجوب العمل للمستقبل، ولا يرى أبعد من يومه...

فجأة بدأت نوافذ الأمل تضيق، زجاجاتها التي كانت ناصعة تكتسب الأوساخ.  فجأة تحول الكثير منها لمرآة تعكس صورة الواقع.  واقع من "الشر" و "الخير"، لكن "للشر" فيه يد طولى.... فجأة بدأنا نرى الشر ذاته، الشر الذي يملؤنا أمامنا!!!!

غاب أملنا..... أصبحنا نرى "الشر" حاضراً ونراه مستقبلاً....

لنراجع أنفسنا.. لنرى الخير حاضراً ومستقبلاً لعل ذلك يمنحنا القوة لنكون سبيلاً من سبل الخير، ونعمل لأجله... فلا شر مطلق ... ولا خير مطلق....

الثلاثاء، 19 أبريل 2011

صنعاء بين نقيضين

تتوارد الأخبار عن وجود وفد المعارضة في السعودية، ووفد الحكومة في أبوظبي، ويأمل اليمنيون بحل لأزمتهم التي طال أمدها، فأصبح البعض يطلقون الأماني ويشطح البعض في أمانيه خاصة في هذا الشهر الذي يمثل الذكرى الأولى للكارثة التي حلت بمقتل عدد كبير من السياسيين البولنديين أثر سقوط طائرتهم العام الماضي.  لسان حال هؤلاء يقول "ليت هذا الشهر يمثل نهاية ما لهؤلاء الذين جعلوا حياتنا جحيماً لا يطاق".....
في هذا الوقت تسعى المعارضة ممثلة في ساحة التغيير بالتصعيد، وقد فشلت على مدى الأسابيع الماضي في دعوتها للعصيان المدني، فلجأت إلى إستخدام المعتصمين في ساحة ا لتغيير بخروج مظاهرات لا يبدو أن لها هدف محدد.  تلك المظاهرات غالباً ما تواجه بقوات مكافحة الشغب وسرعان ما تتفرق، ويعود الهدوء من جديد.
حزب المؤتمر ومؤيديه أصبح له أيضاً حضور، فعمل على تسيير مظاهرات مؤيدة للرئيس، وأكتسبت تلك المظاهرات شعبية متزايدة وهي تجوب شوارع صنعاء وزاد عدد المشاركين فيها بشكل كبير.

اليوم، وسياسيي اليمن خارجها يتحرك الشارعان، المؤيد والمعارض وإليكم مشاهد بعضها رؤى العين وأخرى نقلت إلي، الأول بجانب مكتبي والثاني بجانب منزلي.


المشهد الأول:
في شارع مجاهد بدأت الأصوات تتوارد وتهز الشارع.  آلاف من المتظاهرين يعبرون الشارع وهم يرددون هتافات مؤيدة للرئيس، وأخرى تستهجن "حميد الأحمر" وثالثة تقدح في حزب الإصلاح...  يستمر المشهد لحوالي ساعة كاملة وكل مجموعة تحمل لافتة بإسم قبيلة أو جماعة.  على الجانب مجموعة من الأطفال أستهواهم الموقف، فوقفوا بجانب أحد المحلات يرفعون أصواتهم تأييداً للرئيس.  عدد كبير من الناس وقفوا على جانب الطريق يشاهدون المنظر... ينتهي الأمر عند هذا.

المشهد الثاني:
في شارع الستين، صوت هادر "إرحل".... رجال الأمن المركزي بعصيهم ينتظرون على تقاطع شارع الزبيري.  يقترب المتظاهرون أكثر...خلف جنود الأمن المركزي يقف عدد كبير من رجال قبائل بني مطر، متجهزين أيضاً بعصيهم.  يوشك الإصطدام أن يقع لولا وجود الأمن المركزي حائلاً بين الطرفين.  يقترب المتظاهرون بشكل أكبر ويشرع  الأمن المركزي بإستخدام الغازات والمياه لتفريقهم.....

فجأة تسمع صوت طلقات للرصاص، ورجال الأمن المركزي يفرون على أثرها متراجعين.... يهجم المتظاهرون على رجال الأمن المركزي.... يتدخل رجال القبائل ويحدث كر وفر....  طلقات الرصاص مازالت تسمع....

ملاحقات في الشوارع الجانبية- مدينة الآنسي-.... يجتمع المتظاهرون على رجل للأمن المركزي صغير البنية، يوسعونه ضرباً.. يسقط الرجل مغشياً عليه... يحمله هؤلاء ويرحلون...
سكان الحارة يقررون طرد المتظاهرين من الحارة، يخرجون بينما يفر المتظاهرون.... وتستمر الملاحقات....
ينفرط عقد المظاهرة ويختفي المشاركون بها بعد كر وفر...
يختفي عشرة جنود من جنود الأمن المركزي المسلحين بالعصي والدروع..... وحتى الساعة.. ليس هناك أنباء مؤكدة عن إختفاء بعض رجال القبائل...
يعود الهدوء للمنطقة....

تصعيد جديد من قبل "المعارضة"، أسميها كذلك لأنني لا أعتقد أن ذلك يمثل "ثورة التغيير"، التوقيت يدل على وجود أغراض سياسية لدى الأطراف، و "أختطاف" جنود الأمن المركزي يمثل طريقة جديدة لتأزيم الوضع.  رجال الأمن المركزي لا يحملون في أيديهم غير عصي ودروع، وهم مكلفون فقط بمنع تقدم المتظاهرين بعد نقاط محددة، إما لأن ذلك يمثل خطراً في وصولهم لمناطق حساسة، أو لوجود إمكانية الإصطدام بالمظاهرات المؤيدة للنظام....

أختطاف رجال الأمن المركزي لا يمكن أن يتم من قبل "متظاهرين" من شباب "الثورة"، بل لا بد أن يتم من قبل عناصر "منظمة"... الهدف تأزيم الوضع بين رجال الأمن المركزي والمتظاهرين، وربما خلق مواجهة بين قوى الأمن المركزي وجهات أخرى...

إلى متى يلعب "شباب الثورة" دور الضحية في هذه الحركة؟  متى يتحركوا لأخذ زمام المبادرة؟... شباب التغيير الذين أخطأوا كثيراً وتنازلوا كثيراً عن مبادئ ثورتهم يخلقون عدواً جديداً لهم......




الاثنين، 18 أبريل 2011

قصة الأحذية- 17 أبريل

شاءت الأقدار أن أخرج من منزلي متأخراً بعد عصر يوم 17 أبريل.  أستقليت أول سيارة تاكسي وصلت بعد أن رأيت حشوداً من رجال الأمن المركزي والقبائل يتأهبون وكأنهم ينتظرون شيئاً، تحرك التاكسي حتى وصلنا لبداية شارع المحروقات، فإذا الشارع يقطع بواسطة مجموعة من المتظاهرين يسيرون رافعين يافطات ويصيحون بشعارات مختلفة، إرحل، ستحاكم، ......  أنعطف سائق السيارة عائداً لمحاولة الخروج من الشوارع الفرعية، ولكن ما أن وصلنا لشارع الجزائر حتى كان قد أقفل.
طلب مني سائق التاكسي الذي بدا وقحاً أكثر من اللازم بأن أواصل سيري لأنه لن يستطيع أيصالي، وطلب مني مبلغاً كبيراً بحجة أن "الوقت مظاهرة"....
خرجت من السيارة ودرت في الشوارع الفرعية محاولاً أيجاد مكان لتجاوز المظاهرة، فإذا بي أسمع أصوات طلقات، وما هي إلا لحظات حتى إمتلأ الجو برائحة الغاز، وبدأت الدموع تنزل من عيني.  لاحظت الكثير من الناس على أبواب بيوتهم يلحظون المارة وينتظرون.  أتجهت لأقرب بقالة فإذا الكثير من الناس قد سبقني لشراء "البيبسي" أما أنا فأشتريت قنينة ماء وعدت أحاول قطع شارع المحروقات.  لاحظت عدد من الأشخاص يجوبون الشارع، أختلط علي الأمر هل هم من المتظاهرين أم السكان أم ما يطلق عليهم "البلاطجة"....لم يكونوا يقومون بشيء يذكر غير الحركة والملاحظة.

عندما عدت كان رجال الأمن المركزي لا يزالوا وسط شارع المحروقات والشارع يمتلئ بالأحجار والمخلفات، والمياه، ولكن المتظاهرين كانوا قد أختفوا.... تفرق الجمع وذاب في المحيط.

بينما كنت أمر في الشوارع الجانبية لاحظت أن بعض سكان البيوت يخرجون أشخاصاً منها.  شباناً ربما في الخامس عشرة من العمر، يرتدون الزي التقليدي.  تبدو على أعينهم البراءة والحيرة أكثر من أي شيء آخر.  سألت أحدهم فقال أنهم هربوا ودخلوا من فوق الأسوار..
واصلت سيري حتى وصلت شارع الجزائر.  بدا الشارع هادئاً لكنه كان كساحة حرب إنتهت منذ دقائق.  يغطي الشارع مئات من الأحذية، المياه، وبقايا الأحجار التي أكتشفت أنها انتزعت من الرصيف.  كان جنود الأمن المركزي مازلوا يمنعون السيارات من الدخول، بينما لاحظت عمال النظافة يقومون يتجميع المخلفات.
على الرصيف الوسطي كان هناك شرطي من الأمن المركزي يحمل درعاً بدا أطول منه.  إلتف حوله مجموعة من الشباب الذين يبدو أنهم جاءوا من أحد المعاهد القريبة لأنهم كانوا يحملون حقائب وكتب.  كان الشرطي يحكي بحماس شديد كيف تمكنوا من تفريق المتظاهرين.  أبدى الشباب حماسهم أيضاً وتمموا "الله يعينكم".
على بعد خطوات كان هناك تجمع من الناس حول أحد البيوت.  كان بيتاً متواضعاً، لعله الأكثر تواضعاً في المنطقة مبني من الطوب الأسمنتي الغير مغطى،  لاحظت أن نوافذ البيت مكسورة، علمت بأن المتظاهرين قذفوا النوافذ بالحجارة لأنه "كانت هناك صورة للرئيس على جدار البيت"  قيل لي أن تلك الصورة قديمة.
عشرات من جنود الأمن المركزي مازالوا متأهبين على جوانب الشارع، يحملون عصيهم.
واصلت طريقي، بينما كانت سيارات الإسعاف تجوب المكان.
" أذكر بأن الأعلام سيعلن حتماً عن مليونية جديدة..... "

فلاش: صورة شارع الجزائر تغطيه الأحذية...
         صورة الشبان المراهقون وهم يخرجون من البيوت
         صورة الشيخ الملتحي يشتري كمية كبيرة من ال "بيبسي"....
         صورة شباب مراهقون يبدو أنهم من سكان المنطقة يحملون العصي....

الجمعة، 15 أبريل 2011

الأسرى... وخدعة الأعلام

في الحرب الإعلامية الشرسة التي لم تترك ولم تذر، لازال الآف اليمنيين أسرى لبيوتهم، أسرى لشاشات التلفاز التي يبدو أنها تستخف بالمشاهد اليمني وتعتقد أن ما تعرضه لا يستحق حتى التفكير، فمهما نشرت، ومهما عرضت فإن المشاهد اليمني ليس قادراً على التمييز وليس قادراً على تكوين رأي بخلاف ما يعرض.

منذ أكثر من شهرين والقنوات التلفزيونية تلهب حماس اليمنيين، وتقول قنوات التلفزيون أن "ملايين اليمنيين" في ساحات التظاهر أو الإعتصام، وغالباً ما تعرض بعد المشاهد للتأكيد على تلك الأخبار، ولليوم يبدو أن أحداً لم يفكر بالتدقيق في هذه "الإدعاءات" بالرغم من أن التفكير في هذا بدأ عندما تمكن نظام الرئيس من حشد الناس أيضاً لتأييده، وقد مثلت تلك مفاجأة جعلت معها "ملايين المحتجين" في حيرة، ومع ذلك تصر القنوات الفضائية سواء "المحترمة" منها أو غير المحترمة بأن الملايين يشاركون في المظاهرات!

لنلقي نظرة فاحصة،  ساحة التغيير تمتد بطول 2200 متر على الشارع الدائري، إضافة ل 300 متر على أكثر تقدير على الشوارع الجانبية، إجمالي 2500 متر.  عرض الشارع الدائري 20 متراً، ولديه رصيفان كل منهما 1 متر على الأقل وجزيرة وسطية حوالي نصف متر، أي أن عرض الشارع بدون الأرصفة 17.5 متر.  إجمالي مساحة الساحة هي 43750 متراً مربعاً.... لو أفترضنا أن كل شخص سيأخذ 1 متر مربع فقط، فذلك يعني وجود حوالي 45000 شخص على أكثر تقدير في الساحة.

في المقابل تمتد المسافة بين وزارة الدفاع ونهاية ميدان السبعين لحوالي 5000 متر، منها 900 متر بعرض 65 متر هو ميدان السبعين وحوالي 500 متر بعرض 60 متر هو ميدان التحرير، وما عدا ذلك شارع بعرض بين 18 و 25 متراً بمتوسط 22 متراً... إجمالي المساحة (58,500 متر مربع للسبعين، 30,000 متر مربع للتحرير، 79,200 متر لبقية الشوارع) 167,700 متر مربع....  الكثافة في هذه المناطق أقل من تلك في ساحة التغيير ولنقل بأن كل شخص بحاجة ل 1.5 متر مربع، أي أن أجمالي المقدر من الأشخاص هو 111,800 على أكثر تقدير.....

هذا من ناحية المساحة فقط، أما من ناحية الواقع فإن إجمالي عدد السكان في صنعاء لا يزيد عن 2 مليون نسمة.  لو أفترضنا أن 75% يمثلون النساء والأطفال والشيوخ ليبقى 25% أو 500 ألف نسمة من الشباب، او أولئك الذين يشاركون في المظاهرات.....

من التجربة أستطيع القول بدون تحفظ بأن مساجد صنعاء في صلاة الجمعة فقدت 25-30% من روادها، فإذا كان عدد رواد المساجد هو 800 ألف، ولو أفترضنا أن جميع الشباب "يؤدون الصلاة" وأنهم يمثلون نصف رواد المساجد فذلك يعني أن ما لا يقل عن 200 ألف من الشباب مازالوا يؤدون الصلاة في المساجد......

المحصلة أن التقديرات تقول أن 300,000 شخص يمكن أن يكونوا مشتركين في المظاهرات (على أكثر تقدير) وذلك من سكان مدينة صنعاء... مقسمين على ساحتين.. التغيير والتحرير...

أضف إلى ذلك الوافدين من خارج صنعاء، ووفقاً للمشاهد فإن أعدادهم لاتزيد على عشرات الآلاف على أحسن تقدير......

إذن فعدد المشاركين في المظاهرات لا يتعدى مائتي ألف لكل طرف على أكثر تقدير، مع الأخذ بالإعتبار ما ذكر عن المساحات وقدرتها الاستيعابية......

الأسرى منا في بيوتهم لازلوا يعتقدون أننا أمام "الثورة المصرية" ... يشاهدون "الملايين" على شاشات التلفاز، ولشدما أعجبني حماس أحد الأصدقاء الذي قال بأن ساحة التغيير قد حفلت ب 1.5 مليون متظاهر يوم الأربعاء الماضي!!! لعله يقصد شيء آخر غير البشر بالطبع!

إني أقدر لكل طرف حماسة ورغبته، لكن عقولنا لا يمكن أن تستوعب المزيد من الأكاذيب، فمازالت الأغلبية في اليمن صامته، ولا ننسى أن سكان الريف يمثلون 75% من عدد السكان في اليمن......

إلى كل الأسرى أمام شاشات التلفاز... أدعوكم للخروج والتعرف على الواقع كما هو... أخرجوا من أسركم الذي قررتم أن تضعوا أنفسكم فيه....

أشارككم بهذه الصورة والفيديو.... هذه ليست ملايين ولا يمكن أن تكون..... قبيل صلاة الجمعة في شارع الرباط وعلى بعد عشرات الأمتار من الساحة.... وكذلك فيديو يبين بعض التجمعات في شارع 45 المتجه لميدان السبعين....

مشاهد الجمعة 15 أبريل قبيل الصلاة:
1.صورة في نهاية شارع الرباط بجوار ساحة الإعتصام قبيل صلاة الجمعة


2. تجمعات ميدان السبعين، زنقة زنقة دار دار......
http://www.youtube.com/watch?v=kq3D1MQc38g

مخضرية

من القصص الشائعة والحكايات المتداولة في اليمن بشكل كبير قصة "المخضرية"، ولا شك أنه قد تم تدوينها في مكان ما...

يحكى بأن أحد البائعين كان يقوم ببيع "البرعي" في سوق باب السباح، وهو أحد أشهر الأسواق الشعبية في العاصمة صنعاء.  كان بائع البرعي يضع القدر بجانب الطريق ويمر عليه الراغبون لشراء "البرعي" وهو عبارة عن شوربة للبازلاء، حيث يتناولها الناس وهم واقفون أثناء تسوقهم أو مرورهم بالسوق.

تقول الحكاية أن بائع البرعي بينما هو واقف بجوار القدر ذات يوم إذ مرت دابة، وعلى غفلة من البائع ألقت بروثها في القدر..... ما أن وجد البائع أن الروث في قدره حتى سارع بتقليب "البرعي" بعد أن تأكد ألا أحد قد لاحظ ما حدث....
أتى المشترون كالعادة للشراء، وعندما تذوقوا الشوربة أبدوا إستياءهم قائلين: "ما لهذا البرعي أخضر وطعمه مدري كيفهوه؟".... أجابهم البائع " وأنتوا أيش دراكم... هذه مخضرية... كلوا" وواصل تقديم الشوربة للزبائن...

منذ ذلك الزمن والمثل يضرب في أي شيء طيب يضاف إليه ما لا يمت إليه بصله، أو ما يغير من تركيبته، أو أي إجتماع لعناصر غير متناسقة في مكان واحد مما يخلق شيئاً جديداً،،،، اليوم أختلطت الأمور هنا.. من ثورة لشباب لمعارضة لحوثيين لقاعدة....

مخضرية؟....

الأحد، 10 أبريل 2011

الآكلون مع الذئب، المستغيثون مع الراعية

في مثل هذه الظروف دائماً ما تعود المقولات المشهورة، وكثيراً ما تتردد على ألسنة الناس، وتلك المقولات نتائج لتجارب سابقة، وهذه التجارب تكرر نفسها في أحداث مشابهة، وما أبرع الإنسان اليمني في تسجيل الحوادث على شكل دروس.
في المثل اليمني "الماكل مع الذيب المغور مع الراعية".....

لعل الموضوع الذي طرح على الناس هو كيف يستطيع النظام تمويل الجماعات المؤيدة له، وقد ظهرت نظريات عديدة وأقوال وأفلام وحكايات.. إلخ توضح كيف يقوم النظام بإستغلال المال العام لتمويل أنصاره.  لسنا هنا بصدد بحث هذه القضية ولكن لنطرح السؤال المقابل...
من أين يتم تمويل القاطنين في شوارع ساحة التغيير؟
في بداية الأمر كان عدد المشاركين في الإعتصامات صغير، وكان هؤلاء يعتمدون على أنفسهم وأقربائهم بدعمهم بالمواد اللازمة من مأكولات وغيرها.  كان الأمر مقبولاً أن يبقي إنسان لعدة أيام في "المعتصم" بينما تقدم له أسرته أو مؤيدوه الدعم اللازم، بل وظهر بعض المؤيدون يقدمون الدعم والمال.
الآن وبعد مرور أسابيع على بدء الإعتصام وبقاء بضعة آلاف من الناس في الساحة وبشكل دائم لا بد أن نطرح مسألة التمويل.  من أين يأتي هؤلاء بأحتياجاتهم؟  وكيف يوفرونها؟....
بالطبع فإن الأمر لا يمكن أن يكون عبر "المتبرعين" ممن يدعون القضية، فهؤلاء ومهما كانت إمكانياتهم لن يتمكنوا من تمويل آلاف من المعتصمين ولأيام تزيد عن 60 يوماً حتى الآن.  فلو إفترضنا أن متوسط عدد الموجودين في ساحة الإعتصام بشكل دائم هو 5 آلاف شخص (على الأقل)، ولو إحتاج كل شخص ل 1500 ريال يومياً، فذلك يعني الحاجة ل 7.5 مليون ريال يومياً.  أضف إلى ذلك الأحتياجات الأخرى من أنشطة عديدة تتم في الساحة إعلامية وغيرها... أي أن هناك حاجة لما يزيد عن 50 مليون ريال للتمويل المباشر للساحة...
الأمر لا ينتهي هنا... هؤلاء الآلاف لديهم أيضاً مسئوليات.  الكثير منهم لديهم أسر يرعونها، وأعمال.  الكثير منهم ليسوا "شباب عزاب" وإنما موظفون وعمال... من الذي يغطي حاجاتهم خارج الساحة.  حاجتهم لتمويل أسرهم ورعاية من يعولون؟
في الأسابيع الأولى للإعتصام لم يكن هناك "جماعة مالية"، وكان الإعتماد على تمويل المتعصمين لأنفسهم هو السائد.  لكن اليوم أصبح للساحة "وزارة مالية- إن صح التعبير"... من أين تأتي الأموال؟
ممن أعرفهم أشخاص موظفون ممن قرروا الإلتحاق بالساحة.  منهم من ترك عمله، سواء عمله الخاص أو عمله كموظف في الحكومة.  ممن أعرفهم أناس لن يتمكنوا من الإستمرار في الإعتصام دون وجود من يعيل أسرهم.  ممن أعرفهم من ينتظرون مرتب الحكومة في نهاية الشهر لتغطية حاجة أسرته.
نعم هناك الكثير من الشباب العاطل عن العمل، أو أولئك الذين ليست لديهم أية مسئولية، لكنهم يظلون أقلية....
اليوم تقوم قوات علي محسن بحراسة المعتصمين.  هل سأل أحدهم كيف تمول تلك القوات نفسها بعد إعلانها "التمرد" على النظام القائم؟  هل خطر ببال أحدنا كيف يتسلم أولئك مرتباتهم، ومن أين يأتي تمويل أكلهم واحتياجاتهم اليومية؟
اليوم الكثير من الموظفين- خاصة المدرسين- الذين تركوا مدارسهم وأعتصموا في الساحة، وعندما تم إيقاف مرتباتهم خرجوا في مسيرة ليطالبوا "بحقوقهم" كما يقولون.
لا شك أننا لن ننسى المثل اليمني- يا ماكلين مع الذئب يا مغورين مع الراعية.....  وأضيف- ارحمونا...

السبت، 9 أبريل 2011

تساؤلات في زمن الثورة... التغيير أم التغرير

مازالت الأحداث تتسارع في اليمن، وكل يوم يأتي بمزيد من الغموض حول الوضع في اليمن، وبقدر هذا الغموض تزداد التساؤلات حول مختلف الأحداث والمواقف، وغالباً ما تختلط الأمور علينا فتارة نستنتج شيئاً، ثم سرعان ما نعيد النظر فيه.  فيما يلي بعض التساؤلات الهامة التي تطرح ومحاولة لإستقراء بعض الإجابات:

- من الذي يسيطر على ساحة التغيير في صنعاء؟  
وهو سؤال مهم يعبر عن الثورة وتفاعلاتها.  في البداية كان الشباب بغض النظر عن إتجاهاتهم هم المسيطرون على الساحة، يديرون شؤونها، ويدبرون أمورها.  هذا الوضع لم يدم لأكثر من أسبوعين إذ سرعان ما سيطرت عناصر حزب الإصلاح على إدارة الساحة، وبدا ذلك ماثلاً للعيان، وقد كان دور الإصلاح نتيجة لخبراته التنظيمية، وقد عملت عناصر الإصلاح على إشراك بقية الشباب وغيرهم في الإدارة من خلال اللجان المشتركة وإن احتفظ الإصلاح لنفسه بالدور الرئيسي.  
زاد عدد المتواجدين من "رجال القبائل" في الساحة، وكانت كل جمعة تضيف العديد منهم، وجاءت هذه الزيادة على حساب الشباب، ولكن الأمور ظلت كما هي.  عقب الجمعة المأساة التي قتل فيها عدد كبير من المتظاهرين سرعان ما أنزل علي محسن قواته "لحماية الساحة" كما قيل.  منذ ذلك الحين أصبحت مداخل الساحة بشكل كامل تحت سيطرة قوات علي محسن.  ماذا يعني ذلك؟ 
سيطرة قوات علي محسن على الساحة أمنياً كان يعني تعزيز سيطرة الإصلاح على الساحة، فالقدرات التنظيمية للجناح الديني في حزب الإصلاح، ثم تزايد عدد القبائل (الجناح القبلي للحزب)، ثم سيطرة عسكرية على الساحة (يمكن القول أنها تتبع ما أصبح يعرف بالجناح العسكري للحزب)....

- ما دور الشباب، الأحزاب، وبقية الفعاليات في ساحة التغيير؟
بدأ الشباب حركتهم وبادروا، وكان دورهم ومازال بمثابة الروح لهذه الثورة، أما الأحزاب فقد جاءت لتركب الموجة وجاءت مشاركتها مبنية على حسابات سياسية ومصلحية.  بقية الفعاليات من جماعات وممثلي لمناطق وغيرها يختلف دورهم بأختلاف مواقعهم، فمنهم من يشارك تنظيمياً، ومنهم من لا يتعدى وجوده إشغال مساحة من الفضاء.  إذن من الجهات المؤثرة في إتخاذ القرارات التي باتت مركزية في ساحة التغيير؟
- حزب الإصلاح بثقله التنظيمي والعددي والعسكري لا شك يلعب الدور الرئيسي.
- الحزب الناصري الذي يبدي ظهوراً ملحوظاً.
- القبائل سواء من المنظمين للإصلاح أو المستقلين.
- الحوثيين ومن يواليهم.
- المنشقين عن النظام السابق.
إضافة لعدد من العوامل، فإن قضية خطبة الجمعة تمثل مؤشراً لتقسيم "الساحة" حيث يقوم كل جمعة خطيب ممثل عن مركز من مراكز القوى في الساحة، ونلاحظ هنا غياب الشباب تماماً، فالخطب السابقة شملت الحوثيين والإصلاح ثم المنشقين عن النظام.
لا شك أن بعض المظاهر البسيطة توضح كيف تغيرت ساحة التغيير فاليوم إضافة للحكومة المركزية والأمن الذي يسيطر وضعت مزيد من القيود، فأصبح التصوير مثلاً ممنوع في الساحة، وذلك يعبر عن تحول جذري في طريقة التفكير ليست بالطبع من صنع الشباب.

- كيف يفكر "الفرقاء" في ساحة التغيير جماعياً، وعلى حدة؟
في ساحة التغيير "مخضرية" وهو تعبير يمني مشهور يعبر عن إختلاط الصالح بالطالح، وهذه المخضرية لا يمكن تصور إنفصام مكوناتها، فالمصلحة واحدة وتتمثل في رحيل نظام الرئيس صالح.  يتفق الفرقاء بأن رحيل النظام صالح يجب أن يتم تحت الضغط وليس عبر ترتيب يتفق عليه، حيث يتفقون أن ذلك أكثر جدوى لهم عبر تسلم السلطة مباشرة وترتيب الأوراق للمرحلة المقبلة.  الفرقاء قد إتفقوا ولا شك على "الحصص" في المرحلة المقبلة، وهو أتفاق يظل طي الكتمان لأسباب كثيرة لعل أهمها عدم تشتيت الفكر فيما سيأتي والتركيز على فكرة "رحيل النظام".
على المستوى الفردي يفكر كل عضو من أعضاء هذا التحالف في كيفية تعزيز موقفه، سواء خلال هذه الأزمة أو في المستقبل.  كل عضو يرى بشكل مبدئي أنه "الأحق والأصلح" لتلبية تطلعات الشعب اليمني، وجميع الفرقاء (الإصلاح، الحوثيون، الإشتراكي، الناصري) لديهم أطر عقائدية تجعل من الصعب التنازل عنها.  الإصلاح والحوثيون على السواء يراهنون على إستراتجية طويلة الأمد تضمن تفوقهم على الآخرين، فتنظيمهما يشمل جميع العناصر اللازمة لبناء "دولة" خاصة بعد إنضمام علي محسن رسمياً للثورة (للإصلاح)....
مازال لدينا "ثوار النظام الحاكم" وهم من العسكريين الذين ظهر إنتماؤهم لحزب الإصلاح، إضافة إلى عدد من المدنيين.  هؤلاء يسعون من خلال "معرفتهم" إلى حماية إنفسهم، ولا شك أن ذلك لن يتم إلا من خلال إخذهم لدور في الثورة.  ظهور حمود الهتار خطيباً للجمعة في ساحة التغيير لم يكن مفاجأة إلا للشباب الذين مازال الكثير منهم يتصور أنهم يمتلكوا زمام الأمور من خلال تواجدهم في الساحات....
 
- ما حكاية التفاوض والمفاوضات، وهل هناك من مخرج تفاوضي للأزمة؟
لا شك بوجود جهود تفاوضية غير رسمية ظلت دائماً محاطة بالسرية، فجميع من قام بتلك الجهود يخشى الفشل نتيجة لحساسية الموقف، لذا عمل الوسطاء بصمت.  المؤكد أن عمليات الوساطة لم تسفر عن شيء، ويبدو أن الطرفين مازالا يراهنان على إحراز مزيد من المكاسب على حساب الآخر.
لا يبدو أن هناك مخرج تفاوضي على ضوء تطور الأحداث بالرغم من وجود "وساطة" خليجية أثير حولها الكثير من اللغط، فجاء وزير خارجية قطر ليعلن ما يراه بنوداً للإتفاق حتى قبل بدء أي محادثات.  هذا الأمر أثار الإستغراب بل والأستهجان من الناس الذين كانوا يأملون جدية مثل هذه الجهود، فإذا هي تتحول لفرقعة إعلامية جديدة لا أحد يدري الهدف منها.

- ما قيمة التطورات المتلاحقة على الساحة والمتمثلة في خروج بعض المناطق عن سيطرة الدولة لمصلحة الحوثيين، وأخرى لمصلحة القاعدة، وثالثة لمصلحة الإصلاح؟
قلما تأخذ هذه التطورات إهتمام الإعلام سواء الرسمي أو المضاد.  الإعلام الرسمي لا يريد يعلن إفلاسه من خلال الإعتراف بخروج مناطق واسعة عن سيطرته، أما الحوثيين والقاعدة والإصلاح فيرون أن الصمت سيفيد في تحقيق المزيد من المكاسب على الميدان، وعدم تشتيت الإنتباه عن "فكرة الرحيل".

- ما قيمة دخول القبائل على خط المواجهة بعد قيام قوات علي محسن بقتل العديد منهم، رجال الوساطة، متظاهرون مؤيدون للرئيس، وبعض القادة العسكريين؟
لا شك أن نظام الرئيس صالح يحاول إستخدام جميع الأوراق، ويبدو أن علي محسن قد "وقع في فخ" القبائل، فها هي عدد من القبائل تعلن الحرب عليه.  إن تأثير القبائل على كل حال هو أثر مؤقت وسيعتمد على مدى قدرتها على حشد رجالها والوصول لعلي محسن.

- مملكة اللواء الأول مدرع إلى أين؟
تمتد سيطرة على حسن خارج نطاق المعسكر المعروف باللواء الأول مدرع، وهي مساحة محدودة على كل حال.  إضافة للمعسكر كون على محسن درعاً بشرياً حول المعسكر بآلاف من البشر، وهو ما يعرف بساحة التغيير من الجهة الجنوبية، أما من الجهة الشمالية فتمتد مساحات جامعة الإيمان التابعة للإصلاح، وخلفها مساحات أخرى يمتلكها علي محسن حتى طريق عمران على بعد أكثر من 5 كيلومتر. إضافة لذلك فإن المنطقة المجاورة للجامعة يعرف عنها بوجود عدد كبير من قادة الإصلاح والمؤيدين له.

ماذا ننتظر من التغيير؟
الكثير من اليمنيين يرون في التغيير أمراً محتوماً وضرورياً، لكن لا أحد يستطيع التكهن بنتائج هذا التغيير.  بالأمس كان الشباب يعلنون ثورة شاملة على الفساد، واليوم ذهبت هذه الأحلام أدراج الرياح، ولعل ذلك يرجع لما يلي:
- تخلي الشباب عن مبادئ الثورة مقابل الحصول على التأييد من مختلف فعاليات المجتمع.
- سيطرة الأحزاب المعارضة على الثورة وتجييرها لمصلحتها واستغلالها في سبيل تحقيق غايات سياسية.
- دخول فعاليات لا تمتلك التأييد وألتحاقها "بالثورة" مثل عناصر النظام السابق والحوثيون وغيرهم.
- دخول عناصر أخرى ضمن معادلة التغيير مثل القاعدة والحراك الجنوبي...

الجمعة، 8 أبريل 2011

الثورة والتغيير في اليمن....إقلع بصلة، إغرس ثومي

جاء التغيير كشعار للثورة في اليمن، والمرجو هو أن يكون معنى التغيير هو التخلي عن الأسس المغلوطة لقيم وأخلاقيات المجتمع، والتي أصابها العطب عبر عقود من الفساد وسيطرة مراكز القوى على أسس الحياة وسعيها لتعزيز ثرواتها ومصالحها على حساب المجتمع، التغيير هو وضع أسس جديدة مبنية على معايير أخلاقية، تعارف عليها البشر، معايير من الصدق والعدالة.

عبر أسابيع من الاحتجاجات أصاب الكثير منا الإحباط...... واليكم بعض المشاهد التي شابت مسيرة "التغيير في اليمن":

- إنضم للتغيير عناصر ملوثة إنتهازية... بدأت بعناصر الأحزاب من المشترك، فالإصلاح هو الذي دعم نظام صالح لعقود، وزعيم الإصلاح الشيخ الأحمر هو من مدد فترة صالح الرئاسية، وعدل الدستور، ودعا أتباعه لدعم الرئيس في مواجهة مرشح المشترك نفسه.  الإصلاح يتحدث اليوم عن تغيير فوري والبعض منهم عن "خلافة إسلامية" ...

في الجهة المقابلة يتحدث الإشتراكي عن تغيير وهو حزب شمولي حكم جنوب اليمن لسنوات ولم يحقق الكثير، يتحدث عن التغيير وعن الإنفتاح بشكل يجعل المتلقي يعجب في الوقت الذي لم يقم الحزب منذ إنشائه بتغيير أي من مبادئه لتواكب الواقع الجديد.

يضاف لذلك العناصر القبلية التي تمتلك المال، وتسعى لتعزيز سلطتها، مما سيخلق وصفة مثالية للفساد في المستقبل، وعناصر من الجيش والنظام الحاكم، كانت لسنوات أعمدة له واليوم تقدم نفسها كعناصر للثورة... بل وقيادات لها.

- سعت عناصر كثيرة من "ثورة التغيير" لتزييف الحقائق والتهويل وزرع الخوف بين أوساط المجتمع ويبدو أن ذلك بغرض إثبات أن التغيير ضروري مع أن ذلك جعل الكثيرين يعيدون النظر في موقفهم من الفئات المحسوبة على التغيير، وربما أدى ذلك إلى إنضمامها للجماعات المؤيدة للنظام.

- بدأت جماعات التغيير تقول "من ليس معنا فليس منا"  وظهر الكثير من المتعصبين الذين لا يهمهم شيء بقدر ما يهمهم "الإنتصار" على النظام القائم، فصوروا "الثورة" شيئاً مقدس، بل وأضفوا عليه القدسية، وسموا الضحايا بالشهداء، ومارسوا ويمارسون الإرهاب بشتى أشكاله، فدخلوا البيوت داعين الناس ومحذرين من عدم المشاركة في الإعتصامات والإحتجاجات، قطعوا الطرق، وحاولوا تعكير صفو الحياة...

- يعجب المرء أية مبادئ تلك التي يروج لها المحسوبون عن التغيير وإليكم بعض المشاهد:
1. سعى أولئك لإغلاق جامعة صنعاء وغيرها من الجامعات، ولم يكن ذلك مجرد إضراب محدود بل تعدى ذلك إلى فرض هذا الإغلاق بالقوة عبر سد المنافذ لجامعة صنعاء مثلاً، وإرهاب من يريدون مواصلة التعلم.  ترى ما هي نظرة أولئك لهذا الوضع حيث يفرضون حرمان الطلاب من التعليم ليس لأيام بل لأشهر طالت.
2. قام المحسوبون على التغيير من المدرسين بالتغيب عن المدارس منذ أسابيع، وفي نفس الوقت قاموا بترهيب المعلمين الموجودين وإدارات المدارس، وفي نفس الوقت قامت تلك المجموعات بالتظاهر "مطالبة بصرف أجورهم عندما تم وقفها"... فالثورة جاءت لتكافئ المتغيبين عن أداء واجبهم، وليت الأمر إقتصر على إضراب لأيام، بل حرمان لآلاف الطلاب من التعليم لأسابيع.... ومثل ذلك كانت المدارس الخاصة المحسوبة على التغيير والتي أغلقت أبوابها.  حتى التعليم ورسالته السامية تحول لدى الكثيرين لورقة سياسية.
فإذا كان هذا هو فكر هذه المجموعات ومازالوا في جانب الإحتجاج، فكيف سيكون موقفهم عندما يكونوا في جانب السلطة؟...
3. مثل المدارس، يقوم الكثيرون من المحسوبين على التغيير بالتغيب عن أعمالهم، والإهمال في أداء واجباتهم المهنية، وهؤلاء لا يضحون، بل ينتظرون إستلام أجورهم كاملة في نهاية الشهر... فهم "ثوار"....

التغيير... كان ينتظر أن يكون مرادفاً للعدالة... فقط العدالة، ولكن يبدو أننا نفرط في التفاؤل....

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

الحرب الدائرة في اليمن

الحرب في اليمن قامت منذ أسابيع ومازالت رحاها تدور وكل يوم يزيد عدد ضاحاياها.  الحرب الدائرة في اليمن ليست مواجهات عسكرية، أو قتال، ليست صراعات جسدية بين مؤيدي النظام ومعارضيه، وإنما هي حرب تستهلك العقول والنفوس، فهي ساحتها، وهي مجالها، وهذه الحرب ومهما خلفت من ضحايا فإن أحداً لن يهتم بها، لا دعاة السلام، ولا أصحاب المصالح، لا الغرب ولا الشرق، لا الولايات المتحدة، ولا النظام ولا المعارضين.

الحرب الدائرة في اليمن هي حرب إعلامية شرسة، ولولا أني أقطن في صنعاء على مسافة بسيطة من ساحة التغيير، ولولا أن ظروفي تتطلب التنقل المستمر بين أنحاء العاصمة صنعاء لربما لم يخطر ببالي أن الحرب فعلاً على أشدها.  لنبدأ بأدوات الحرب، حيث يمتلك النظام عدد من الأدوات الإعلامية صحف، مجلات، مواقع إنترنت، ثم التلفزيون والإذاعة.  تقوم هذه الأدوات بالترويج لوجهة نظر النظام فيما يحدث.  في المقابل يستخدم المعارضون عدداً من الأدوات تشمل أيضاً عشرات من الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، إضافة لعدد من القنوات الفضائية أبرزها الجزيرة وسهيل.  ويشترك الطرفان بموقع الفيسبوك.

قد يعتقد البعض أن النظام يمتلك الكثير "إعلامياً" ولكن ذلك غير دقيق.  إن الجهاز الإعلامي للنظام جهاز عتيق لكنه مهترئ، جهاز ظل يعتمد على "سلطة الدولة" وليس على معايير مهنية.  جهاز يفتقد في أحيان كثيرة للمصداقية، فهو يعبر عما يراه النظام وليس عما يحدث في الواقع.  جهاز إعتمد على نسخ وترجمة الأخبار وليس نقلها من مواقعها.  لهذا كله فالجهاز الإعلامي للدولة جهاز بأدوات قديمة يعيش عصراً جديداً برغم محاولات التجديد.

في المقابل يعتمد معارضو النظام على عدد هائل من الصحف، معظمها أشبه بالصحف الصفراء التي تنقل الأخبار بغرض الإثارة، وقد ظلت على ذلك لسنوات.  صحف لا يمهما مدى دقة الخبر، بقدر ما يهما مدى قدرته على جذب القراء، وصحفيون تعلموا هذا الفن وأتقنوه.    صحافة المعارضة تعتمد على أن كل ما هو معارض للنظام فهو "جيد".  يضاف إلى ذلك عدد من المواقع الإلكترونية البعض منها إكتسب بعضاً من الإحترام لأنه (كان) ينقل "كل ما يرد إليه" إي أنه يعبر عن رأي العامة والخاصة، ولو أنه تبدل خلال هذه الأزمة ليكون في صف المعارضة بشكل كامل.  قنوات الجزيرة (يطيب لي تسمية الجزيرة بالجزيرة دراما، أما الجزيرة مباشر فهي أشبه بالجزيرة أكشن) أخذت أيضاً صف المعارضة بشكل كامل فأستخدمت عبارات التحريض ورفعت أغاني الثورة وعملت على تخصيص كل الوقت اللازم لنقل أنشطة المعارضة، بل أكثر من ذلك أنها سعت للترويج لخطط المعارضة ونقلها للشارع مستغلة الثقة التي أعطاها الناس لها.  قناة سهيل، ومثلها قناة السعيدة إعتمدت خط المعارضة وسعت للترويج لها عبر الوسائل المختلفة.

إذن فنحن أمام حرب إعلامية شرسة، طرفها الأول معارضي النظام، وطرفها الثاني النظام.  الطرفين يفتقدان للموضوعية في نقل الأحداث بحيث أصبحا طرفين في هذه الحرب، والضحية هو الإنسان اليمني وإليكم بعض الآثار لهذه الحرب:

- قامت هذه الحرب بخلق إحتقان لدى الشارع واججته، فأصبح الشارع اليمني منقسم بين معارض ومؤيد، وبحيث أصبح كل طرف يرى في الآخر عدواً لدوداً له.
- وترت هذه الحرب حياة الناس على جميع المستويات، فلم يسلم منها حتى الأطفال الذي أصابت الكثير منهم حالات من الإكتئاب.
- جعلت هذه الحرب الناس في قلق دائم مما أثر على الجوانب الإقتصادية وجعلت الكثير يعانون من إنخفاض دخلهم، وبالتالي إنتقال الآلاف لخانة "العاطلين عن العمل".
- هيأت هذه الحرب الجو لحدوث مواجهات "بدنية" أو حتى بالسلاح نتيجة للتحريض.
- جعلت الحرب الناس لا يستوعبون من الصورة إلا ما يريدون رؤيته، ومهما كانت الصورة واضحة
- قللت هذه الحرب من إمكانية حدوث حل للأزمة فكل طرف "يستقوي" بالشارع إضافة لأوراقه الأخرى.

إن من يعيش في صنعاء، وعنده الشجاعة او الحاجة للتنقل في إنحاء المدينة يشعر بالألم للترويج الأعلامي الذي يهدف لإخافة الناس وترويعهم.  بالأمس تلقيت إتصالات من أصدقاء في عدد من الدول وكانوا جميعهم في حالة رعب لما يحدث في اليمن بعد متابعتهم للقنوات الفضائية- خاصة "الجزيرة دراما".  السؤال هو لماذا يحاول الإعلام زيادة معاناة الناس؟ وإلى متى يسعى الإعلاميون لتأليف "الحبكة" دونما أدنى مراعاة لأثرها على الإنسان، وما قد تسببه من ضحايا؟.....

حتى كتابة هذه الكلمات (صباح الأربعاء 6 أبريل) مازلنا شوارعنا هادئة وحياتنا تسير بشكل أعتيادي، يملؤنا جميعاً التوتر والقلق، ولكن لا أكثر من ذلك فأطمئنوا .......


الأحد، 3 أبريل 2011

وقت للتفكير

مر يوم الجمعة المسمي بالخلاص/الإخاء، مر بسلام.  مر يوم الجمعة الذي كنا في الماضي ننتظر حلوله علينا، مر غير مأسوفاً عليه، وبدأ الناس يستعيدون نشاطهم هذا الأسبوع وسط هدوء مريب، وكثير من الشائعات.
بينما كنت على الفيسبوك أتابع الأخبار فإذا إنا أتلقى أخباراً عن مواجهات في عدن، وعصيان مدني وكذا وكذا، وبعد لحظات يتصل بي صديق سافر إلى عدن يوم أمس، سألته متلهفاً كيف حاله، فقال: "الحمد لله الأمور هادئة".  سألته وكنت على دراية بأن المدارس كانت قد توقفت عن العمل في عدن لمدة، وماذا عن المدارس، قال: أنا هنا في كريتر والمدارس تعمل هنا، ثم أضاف: "بالأمس كنت اريد الذهاب للبريقة وقد تم تحذيري بأن الطريق مقطوع فقلت نذهب ونجرب، وقد ذهبت وكان كل شيء على ما يرام".
في صنعاء الكثير من الشائعات عن تحضيرات للزحف ومواجهات وغيرها، ولكن لا أساس لها من الصحة.
ما يقلق في هذا الوضع هو إنتشار أخبار عن "توزيع أسلحة" والعهدة على الراوي.  قيل تم توزيع أسلحة من قبل الإصلاح، وأن المؤتمر بدأ بتسجيل الأسماء لتوزيع أسلحة على أنصاره!!!... آمل أن ذلك ضمن إطار الشائعات...

مما سرني ما سمعته من البعض عن حديث يدور بين الناس في الريف (وهو يمثل غالبية اليمنيين)، الحديث يدور حول إتفاق بين الناس على عدم "المواجهة" لأجلهم (المقصود هنا النظام والمعارضين له)...

هذا الهدوء وقت للتفكير، أرجو أن يكون تفكيراً من قبل النظام والمعارضة والشباب... تفكير ليس للكيد والتخطيط ضد الآخر، بل وقت للتفكير في المصالح.. نعم المصالح المشتركة، فلا يمكن بحال أن يستطيع أي طرف إقصاء الآخر....

هو كذلك وقت للتفكير للعامة لحماية بلدهم ونقل رسالة لمن يعرفونه بأنهم ضد المواجهات.. ضد المكايدات... وهم مع إخراج البلد من هذه الأزمة ..... لنعمل معاً لأجل ذلك...

أكرر دعوتي للتوقيع على النداء بالضغط على الرابط:  , وأدعو لنشره والألتزام بما فيه ليكون طريق للخروج من هذه الأزمة..


نداء إبن اليمن - Children of Yemen Call


إضغط على الرابط


-- نداء إبن اليمن

أني كيمني أتعهد بموجب هذا النداء أن أعمل على خدمة وطني والقيام بكل ما من شأنه رفعة هذا البلد وإني لذلك:

أدعو كل اليمنيين، كل فرد، من العاملين في النظام، إلى احزاب المعارضة، إلى الشباب سواء الثائر منه في ساحات التغيير، أو الذي ينتظر، أدعو شيوخنا، أدعونا نساءنا، أدعو كل إنسان ولد على هذه الأرض أن يترك التعصب ويسعى لأيجاد حل للأزمة التي نعيشها.
الثورة قامت، والتغيير سنة الحياة، ونحن كيمنيين نتطلع للمستقبل الأفضل... فلنترك مصالحنا الشخصية الذاتية والأنانية ولنعمل ولو لمرة واحدة في سبيل مستقبل أمتنا
أدعو النظام: فلتقدم تنازلاتك ولتلتزم بتعهداتك
أدعو أحزاب المعارضة: فلترضى بما حققتيه من خلال ثورة الشباب ولتمضي نحو المستقبل
أدعو الشباب: فليتطلعوا للمستقبل وهو بين أيديهم وليكون سعينا للتغيير متواصل عبر البناء والعطاء

 ليبق الوطن لنا جميعاً، لنصنع جميعاً مستقبلاً زاهراً، لنضحي اليوم.. لا بد لنا أن نعطي اليوم .. أن نعمل اليوم...

 أنا كموقع على هذه النداء أتعهد على العمل الفوري بكل ما أوتيت من طاقة وجهد لأجل أبناء بلدي ولإخراج البلد من هذه الأزمة.....

.
" وقل أعملوا فيسرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"
As a Yemeni, I would like to call upon all Yemenis to gather around one goal, to serve our country, Yemen.
I promise to do my best to serve Yemen and I would like to call upon the government, the opposition parties, the youth in the sit-in squares, the elderly, the women, and all of those who were born in this country to forget about their differences for a while and work to find a solution to the current crisis.  I call upon:
- The government to make concessions and adhere to them.
- The opposition parties to consider the gains they have made and work for the future.
- The youth to look at the future and work continuously for change, by giving.
This country is for all of us.  We will build it, and we will work for that.
I would like to commit to this call and work for getting Yemen out of this crisis...
Click on the link below

الجمعة، 1 أبريل 2011

السقوط الأخلاقي

السقوط الأخلاقي


31 مارس 2011


نتطلع لحياة أفضل ونرجو أن يكون مستقبلنا مشرقاً، نتحمس لتغيير واقعنا ونرى غيرنا ممن إستطاعوا أن يبذروا بذرة الأمل ويفتحوا الأفق واسعاً.  نخرج ونغامر ونضحي، يجمعنا الأمل ونشترك بمهمومنا وتطلعاتنا.  نحس بقوتنا ونرى النجاح قريب قريب.  آمال عريضة، وأهداف سامية، مبادئ رفعية وقيم نتطلع لأن تكون أساس ثورتنا ومقياساً لمستقبلنا.... العدل والصدق واحترام الإنسان وحقوقه المختلفة.

تمر الأيام وتتعقد الأمور، يدخل السياسيون والأحزاب والأنتهازيون والفاسدون، يقاوم النظام تطلعاتنا ويلعب لعبته..... تتفتق أذهان البعض عن أفكار لإخراج هذه الطموحات من المأزق الذي وصلت إليه.... أفكار وأفكار....

"الشهيد الصغير"، طالما سمعنا عن هكذا خطط، دفع الأطفال في مقدمة الصفوف في عملية "زحف" على القصر الرئاسي..... طالما رأيت أن ذلك لا يعدو أن يكون فكرة "مجنونة" وربما كذبة روج لها النظام وإعلامه...

اليوم وبينما كنت في شارع الزبيري فإذا أنا أفاجأ بطفلين معلقين على سيارة تمر بجانبي.  قلت في نفسي "يا لهذا كيف يمكنه أن يترك أطفاله في مثل هذا الخطر"، وتمر لحظات فأقراء على ربطة تلعو رأسيمها "الشهيد الصغير".....

شعرت بقشعريرة تسري في بدني.... هل هذا حقيقة أم كابوس... للأسف كان حقيقة.  كيف يمكن لهؤلاء أن يصلوا إلى هذا المستوى.  كيف يمكن لهؤلاء التفكير، حتى مجرد التفكير في إستغلال الأطفال لتحقيق مطالبهم، مهما كانت.  منذ متى يفكر إنسان أياً كان بدفع طفله للموت.....

هذا لا شيء سوى سقوط  أخلاقي لأولئك الذين فكروا وجريمة لأولئك الذين نفذوا... هل من حقوق للأطفال؟  وهل من حماية لهؤلاء..
أين هي الرجولة بل أين هي الإنسانية في ذلك؟ لعل أولئك أقلية ممن يريدون التغيير.. أرجو ذلك!

براءة الأطفال من يحميها