الأحد، 18 يناير 2015

تفاؤل !

تتغير معطيات الصراع الحالي في اليمن، ومثلما يفاجئك اليمنيون بمواقفهم، تفاجئك الأحداث، حتى صارت المفاجأة هي العنصر الذي فقد قدرته، فالمتوقع دوماً هو المفاجأة، وبذلك فقدت "المفاجأة" قدرتها على التعبير عن نفسها.

إختطاف بن مبارك، حدث على مستوى جديد من حلقات الصراع التي ربما كانت بدايتها أن خسر بن شملان في الانتخابات الرئاسية في عام 2006.  وعجز "الشارع" عن التغيير، ففاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، وكان إفتراض أن الرؤوس وضعت دون أجساد هو افتراض خاطئ، فالتغيير الحقيقي لا بد أن يكون له أسس وقواعد سليمة.

التحليلات السياسية لم تعد تعني اليوم لليمني شيئاً، أما تحليل المعطيات الاجتماعية والاقتصادية فمن الصعوبة بمكان، فكيف يمكن تبرير استمرار حركة الناس وذهابهم لأعمالهم ومهامهم وسط بيئة مليئة بالمخاطر؟.  كيف يمكن تفسير استمرار ارتفاع العمران في أنحاء البلد دون توقف، وفي أحلك الظروف واللحظات؟.  كيف يمكن التعاطي مع استمرار حالة الاستقرار الاقتصادي رغم كل الظروف؟  يبدو لي في أحايين كثيرة أن اليمنيين يعيشون خارج إطار الزمن، وكأنهم في غيبوبة لا يدركون ما يحدث!

أحلام المستقبل والوطن، كانت تجمعنا ونحن طلاب من عدد من الدول العربية في بلاد الغرب.  كان كل منا يطلق لأحلامه العنان ويحكي عن مستقبله، حلم العودة للوطن، ومخططات العمل والأسرة.  كان الجميع يتحدث بشغف، إلا واحد، من فلسطين.  كان صديقنا ينصت لأحاديثنا، أما خياراته فكانت العودة لمستقبل مجهول، أو العيش غريباً، أو هكذا هيأ له، والأمرين أحلامها مر.  كانت المرارة تصيبنا، ربما أكثر مما تصيبه.

يفاجئني صديقي الذي أتي في زيارة من السعودية، "لدي المال، ولكن لا أدري ما أفعل به".  يعمل صديقي هناك في وظيفة مرموقة، وبأجر مجزٍ، لكنه يحس بغربة شديدة.  "الحياة في السعودية صعبة، هل مرحلة مؤقتة فقط" هكذا يقول.  " إلى أين أذهب؟، هذا بلد دائم النزاعات والحروب، هذا بلد غابت فيه قيم العدالة والإنسانية واستولت عليه لغة المصالح"، "اين هو المستقبل في كل ذلك؟" يتساءل صديقي.

عادت إلى ذاكرتي أحاديث صديقنا الفلسطيني، يا ترى لو حدث أن نلتقي، سيكون بلا شك أكثرنا حظاً، واكثرنا شعوراً بالتفاؤل.