الخميس، 18 أغسطس 2011

غزوة بدر... غزوة الأحزاب

يبدو أن الازمة في اليمن لم تبقي ولم تذر، فقد استخدمت كل ما يمكن أستخدامه من وسائل الصراع، وكل يوم تستنفذ المزيد من الوسائل، ف"الثورة" بدأت على أسس أخلاقية تدعو "للعدالة والمساواة ومحاربة الفساد" ثم ما لبثت أن أنزلقت وفقدت تلك المبادئ بعد أن ظهر على رأسها من هم ليسو بأهل للمبادئ والقيم السامية، وهكذا تطور الأمر، وتحولت نداءات "الثورة" لأصوات للتغيير لا يفهمها أغلبية الشعب اليمني، وبعد هجوم جامع النهدين لم يعد هناك من "مسوغ" للمنادين بالتغيير، بل إن ما تلى ذلك الحادث من أزمات في الوقود والكهرباء زلزلت ما تبقى من تلك النداءات بالتغيير.
المجالس الإنتقالية التي أعلنت، الواحد تلو الآخر، لم تأت بجديد، فقد جاءت كمحاولات "يائسة" لإستدراك الخطأ القاتل الذي ارتكبه رواد "الثورة" ومن سار في ركبهم، حيث يبدو أنهم لم يستوعبوا موعد نضوج الثمرة، والآن يحاولون بكل قوة إبقاء تلك الثمرة التي أوشكت أن تسقط.. إن لم تكن قد سقطت فعلاً.
الطريف في الأزمة اليمنية إستخدام "الدين"، والذي ظهر في أردأ صوره. كان إستخدام يوم الجمعة، وكانت مناسبة لتحقيق العديد من الأهداف، فيمكن من خلاله جمع أعداد غفيرة من الناس، ويمكن من خلاله التحريض وإثبات القوة، وتحديد المواقف. إستخدمت قوى المعارضة الجمعة مثلما إستخدمتها الحكومة، ويبدو أن كلاً منهما قد حقق أغراضه، فتحولت الجمعة إلى تظاهرة سياسية.
إستخدم طرفا الأزمة في اليمن الدين أيضاً في إيضاح سلامة موقفه وتبرير تلك المواقف وإلصاقها بأصل الدين الإسلامي، فينما أعتبرت المعارضة أن "الثورة" ومساندتها واجب ديني، بل وزعمت أنه "جهاد" مقدس وبأن التخاذل هو نوع من "الكفر"، عملت الحكومة على الإيضاح بوجوب طاعة الحاكم وولي الأمر، وركزت على مبدأ التسامح والتعايش بين الناس كأساس ديني.
يبدو أن المعارضة قد استفدت أدواتها كما أسلفنا، فلجأت إلى أسلوب جديد يبدو أن الهدف منه أثبات "الوجود"، فبعد هزيمة قوى المعارضة عسكرياً في الحصبة، ثم في أرحب ونهم، وفشل محاولاتها للإستيلاء على السلطة بكل الوسائل بما في ذلك محاولة تحويل تعز إلى "بني غازي"، سمعنا منذ أكثر من أسبوع عن "غزوة بدر"، ويبدو أن من أطلقوا تلك الحملة هدفوا إلى الإيحاء ب "النصر" وربط ذلك النصر بالفئة التي تمتلك "في وجهة نظرهم" الحق. فالفئة "الضالة" وهي النظام القائم لا بد أن تهزم في هذه الغزوة ليظهر الحق.
مر يوم 17 رمضان بسلام بأستثناء وجود أمني مكثف في شوارع العاصمة. هذا الوجود الأمني أعطى الآلاف من الناس ممن لم يأبهوا بالتهديد، وخرجوا لشراء ملابس العيد، نوعاً من الطمأنينة....قيل الغزوة ستكون فجراً وقيل يوم الخميس... وقيل وقيل...
لا أدري لماذا اختار هؤلاء غزوة بدر وشوهوا بذلك تاريخ يعتز به المسلمون، ولعل لسان حال الحكومة ومن سار في ركبها يقول... بل هذه غزوة الأحزاب، فها في قد أتفقت وتآلفت لتحقيق غرضها.....
غزوة بدر... غزوة الأحزاب...