الأحد، 19 فبراير 2012

والحقوق الضائعة

... والحقوق الضائعة

بالأمس كنت أتردد في دعوة اليمن ببلد الحقيقة التائهة، ولكني متأكد أن الكثيرين لن يختلفوا معي، بل وأزعم أنهم سيؤيدون ما ذهبت إليه، وهكذا فإني أضيف الحقوق الضائعة للقائمة.

قبل حوالي عام كامل خرج مجموعة من الشباب ينشدون التغيير.  دعوات التغيير لم تأت عبر البحار فقط، بل إن التغيير حاجة أحس بها الكثيرون لكنهم لم يقوموا بشيء لأجله.  خرج الشباب يدفعهم الحماس، ويملىء قلوبهم الأمل بمستقبل أفضل.

حياتنا أمتلأت بالأوساخ، سئمنا كلمات الكذب والرشوة والخيانة والخديعة والغدر والظلم والاختطاف والقتل،وووو كلها كلمات تملأ حياتنا، بل تملئ كل زاوية فيها حتى أصبح الكثيرون يفرون من حياتهم وراء القات أو غيره.

حياة جميلة وادعة، يملؤها العدل ويعطي كل ذي حق حقه.  حياه يكون الصدق أساسها، والحب عمادها، والعطاء والبذل للآخرين مسارها.  حياة تسير وفقاً لمنهج "كل نفس بما كسبت رهينة".

لم يخرج الشباب لوحدهم، بل لحق بهم عشرات الالاف ممن يتطلعون لمستقبل أفضل وحياة أجمل.  خرجوا تدفعهم مبادئ سامية، وليس حقداً أو حسداً أو طمعاً.....

ومرت الأيام، وكشف المستور، واتفق الذئب والراعي على قسمة القطيع......

اليوم مازال آلاف من البشر الذين يسكنون في المساكن المطلة على شارع الدائري وبعض فروعه يئنون من سلب حقوقهم. 

شوارعهم تحولت لمستنقعات، ودخولهم وخروجهم إليها مرهون بما لا يرضاه أحد منا.  سلبت حقوق هؤلاء لعام كامل، وها هو عام جديد يبدأ ولم يلق أحد بالاً لهؤلاء.

أين أنتم يا من خرجتم لاستلاب حقوقكم من "النظام" الظالم الفاسد، أين أنتم تسلبون هؤلاء حريتهم وحقوقهم؟  ماذا تقولون؟  أهذا يبرر إستمراركم في الظلم؟  ومن يقتص منكم؟  هل سألتم يوماً أنفسكم؟

الحقيقة التائهة

الحقيقة التائهة

قد لا أجاوز الصواب إذا أدعيت أننا في اليمن بلد الحقيقة التائهة.  والحقيقة تتوه في بلادنا منذ أول يوم نخرج فيه للدنيا.  فبخلاف ما أعطى الله البشر من نعمة تنظيم حياتهم، يولد الطفل لدينا ولا يجري تسجيله أو الاعتراف بوجوده، ولا يعتبر هذا "جرما" كما تنص عليه قوانين البشر التي طوروها، بل أمراً أعتيادياً، وللوالدين حق تعديل هذا الميلاد متى شاءا.

تصبح الحاجة لشهادة الميلاد أمراً واقعاً، إن رغب الوالدان بإدخال الطفل للمدرسة، ورغم كل القوانين لا تزال رغبة الأهل هي المعيار الأول والأخير، وفي الشهادة من يتذكر متى جاء هذا للدنيا، وما قيمة اليوم أو السنة، المهم أن تكون الشهادة كافية لإدخاله المدرسة.

سرعان ما نكتشف كم كنا "أجواداً"- وهو تعبير يمني يدل على بساطة التفكير وليس الكرم- عند تصديقنا لكل ما يقال، وعند أيماننا بقيم ومبادئ لا يلتزم بها حتى أقرب الناس إلينا.  ونحتار فيما نقرأ ونشاهد، وكيف نتعامل ونتصرف.

دوي هائل من الصحف والقنوات والمواقع ولهم جرا، ومرة أخرى أعذروني، إن أطلقت على أصحابها بأصحاب الأقلام المأجورة، فلا تستطيع من ذلك الدوي تبين الحقيقة مهما كانت بسيطة.

اليوم فقط، ننتظر الدقائق لنتحقق، يوم الغد الأثنين وبعده الثلاثاء إجازة رسمية، مئات المواقع والرسائل والأتصالات، كلها تؤكد الأمر، ولكن أين هو البيان الرسمي في الإعلام الرسمي؟  أين الحقيقة في ذلك؟  وننتظر وننتظر؟  أيذهب أولادنا بعد ساعات للمدرسة أم لا؟

وننتظر وننتظر... لا شيء... وكالعادة تتوه الحقيقة....