الأربعاء، 25 يناير 2012

بين أحلام التغيير وأوهامه


بين أحلام التغيير وأوهامه
قبل حوالي اثني عشر شهراً بدأت الأزمة في اليمن تشتد وتأخذ منحى آخر، في مثل هذا اليوم بالتحديد، عندما شاهد اليمنيون كغيرهم من البشر، شاهدوا تنحي الرئيس المصري عن منصبه بعد أيام فقط من بدء الاحتجاجات، بعد هذا اليوم بالذات ترآي لليمنيين حلم التغيير، ومثل إسقاط مبارك حافزاً لا يمكن إهماله.  حينها فقط لم تكن المعارضة مستعدة بعد، بل إنها لم تكن تعتقد بإمكانية تكرار المشهد المصري، والدليل على ذلك ما منيت به من فشل في دعوتها للتظاهر التي لم تلق التجاوب المأمول، واستمرت لأسابيع طوال تماطل، تارة تتحاور مع النظام الحاكم، وتارة لا تبدي موقفاً واضحاً.

مرت الأيام وتحولت الاحتجاجات البسيطة التي قام بها طلاب جامعة صنعاء إلى بذرة أستثمرتها قوى المعارضة بسرعة، ولم يتمكن النظام الحاكم في اليمن من مقاومة المد، المد الذي تمثل في تعاطف شعبي عارم، ورغبة في التغيير.  هو حلم طالما راود كل يمني، حلم بمستقبل يتخلص فيه اليمني من أوحال علقت به فلم يعد يستطيع التقدم.  الفساد لوث مناحي الحياة، بدءاً من السياسة وأربابها، وانتهاء بالمواطن العادي الذي استمرأ الفساد فصار سلوكاً يومياً ومرضاً عضالاً.  أنقلبت أسس الحياة رأساً على عقب، تبدلت القيم وتغيرت، وسيطرت نزعة المصلحة على كل ما يحيط بالإنسان، أصبحت المثل نكتة يتغنى بها الجميع، والنزاهة طيفاً من الأحلام.  أصبح اللص شجاعاً، والمرتشي جرئياً، والمعتدي مقداماً، وأصبح الأمين جباناً، والصادق رعديداً، والعادل لا يتماشى مع العصر.

إمتلأت أفواه اليمنيين بالقات، والأغلبية تعافه وتلعنه، وتنافسوا على كل شيء، وتحولت علاقات الناس إلى ضرب من النفاق الإجتماعي تغلب عليه المصلحة، وتنازع الأقارب والأباعد على المصالح والمال، ولم يترك أحدهم وسيلة من وسائل الكذب والتدليس إلا استخدمها لينتزع مصلحته سواء بحق أو بغير حق من أخيه.
اصبحت الثروة هي كل ما يهم، فتهافت الناس على الأراضي، واستخدموا كل وسيلة للكسب، أنشأوا المشاريع والمؤسسات والشركات، ولم تسلم الجمعيات والمنظمات الخيرية التي تدر ذهباً على أصحابها، وأصبح كل شيء للبيع، كل شيء.
جاءت الموجة عاصفة، وجاء كل بحلمه، في مستقبل "أنظف"، وتصور الكثيرون أن هذا المد لا يمكن أن ينكسر، وكانت ذكرى مشاهد مصر حاضرة، وتحولت الاحتجاجات إلى مهرجان كبير، مهرجان للإبداع أستطاع فيه الكثيرون من التعبير عن أنفسهم، وكادت تتحول لتسونامي يقضي على أدران وأوحال علقت على مدى سنون وعقود، بل وقرون بالمجتمع اليمني، ولكن هيهات.
سرعان ما استفاقت القوى التي رأت في هذا المد هلاكاً محدقاً، وتحركت بكل قوتها، تحركت لحماية نفسها، ركبت الموجة، أثقلتها، وأوجدت لنفسها موطئاً ومكاناً داخلها، ولم يستطع أحد منع هذه القوى وهي تدعي "دعمها" للتغيير، وهي لا تريد سوى حماية نفسها، وسرعان ما تحولت تلك القوى لموجة مضادة كسرت تلك الموجة قبل أن تصل لهدفها.

أصبح التغيير مرهوناً إذن بهؤلاء دون غيرهم، وأصبح اليمنيون كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولكن الوقت كان قد أزف ولم يعد لدى اليمنيين خيار سوى السير لآخر الطريق.  التغيير لم يعد سوى حالة من العناد لا بد من السير فيها، ونتائجه لم تعد تعني شيئاً للكثيرين، فذلك الزخم إنتهى، وتلك الأسس النبيلة التي بني عليها لم تعد سوى طرفة مضحكة مبكية بعد أن أثبتت الأحداث أن القادمين على تلك الموجة، والذين هم أساس الداء قد تحولوا إلى دواء.

التغيير تحول إلى وهم كبير بعد أن تم تقسيم الكعكة من جديد، وبعد أن تغيرت بعض الوجوه.  ذهبت أحلام التغيير التي أتت في لحظة تاريخية قد لا تعود لعقود، كلها ذهبت أدراج الرياح، ورجع اليمنيون لبيوتهم يندبون حظهم العاثر، ويتمنون فقط أن يعودوا لسنوات "عجاف" مضت، ينعمون فيها بأحلام قد تتحقق.

السبت، 7 يناير 2012

سلسلة البلطجي والثورجي: الحلقة 22: سبت مبارك



سلسلة البلطجي والثورجي: الحلقة 22: سبت مبارك
 
<b>حلقات : البلطجي والثورجي.....واليمنجي
تعريفات:
قيل أن البلطجي هو الشخص الذي يناصر النظام سواء بالقوة أو بمجرد الكلمة، ويعتقد أن ذلك ناتج عن حصوله على مقابل مادي،
وقيل أن الثورجي هو الشخص الذي يناصر حركة الاحتجاجات وما يعرف "بالثورة"، ويعتقد أن ذلك أيضاً ناتج عن حصولة على مقابل مادي،
أما اليمنجي فقد فرض على بقية اليمنيين أن يلحقوا ال جي بأنفسهم حتى لا يتوهوا في الزحمة ويخسروا الأجر!
</b>
الحلقة 22: سبت مبارك

اليمنجي: ايش هذا من تغيير بالله عليكم، أمورنا من السنة الماضية من سيء إلى أسوأ، وحتى تفاؤلنا بالمبادرة الخليجية ما كانش في محله، يعني لا أمورنا صلحت ولا شي، الكهرباء على حالها ماتزورنا إلا ساعة أو ساعتين في اليوم، وأعمالنا معطلة، وشوارعنا قدهيه بتعبر عن حالنا، من قمامات وأوساخ، إلى مرور فوضوي، إلى مسلحين، إلا عشوائية في كل شي، وقد صار كل شارع مقوات... لا حول ولا قوة إلا بالله.

الثورجي: ليش أنتم ضد التغيير، متى عتفهموا أنكم بتمشوا عكس الزمن، متى توعوا إن التاريخ ما يرجعش للوراء، العجلة دارت وشتدوس على من يقف في الطريق، أتركوا عنادكم وأنظموا لركب المستقبل، كفاكم الحياة في الماضي، التاريخ لن يرحمكم، والمستقبل للمنتصرين، ونحن المنتصرون.  النظام الفاسد راح إلى غير رجعة، والمستقبل أمامنا.

 البلطجي: يا أخي أنتو هكذا فاهمين غلط، إحنا بنقول طيب نتغير، لكن لازم يكون التغيير للأحسن، يعني يكون في هدف للتغيير ويكون الهدف واضح في مصلحة المجتمع، القضية مش علي عبدالله صالح، القضية كيف يكون في توجه نحو المستقبل على أسس سليمة، وإلا فقد مصبح أجمل.

الثورجي: أنتوا معاندين، تشاءوا بس يبقى الرئيس وشلته الفاسدة، شوف كيف تغيرت الأمور، كل يوم بيقلعوا فاسد من الفاسدين، والأمور طيبة والناس متفائلين، شوفوا الشوارع قلت  المتارس وتحسن الأمن، شوفوا هذي الأمور وبطلوا تشاؤم، كيف الحكومة مالهاش 30 يوم، كيف شيصلحوا ما تخرب في ثلاثين سنة، أتقوا الله.


البلطجي: يعني خلاص ما ذلحين قد الحكومة حلا؟  وما عدتشتوش ننتقدها.  والله إنها حكومة عمى وضما، وأنت عتشوف، من أين جاءوا هذولا، عادهم جاوعين والأيام بيننا.  وبعدين أحنا نشتي على الأقل الأمور ترجع 11 شهر، وإلا حتى 6 شهور، على الأقل كان عندنا كهرباء نص اليوم، وكانت أمورنا طيبة.


اليمنجي: والله إننا مع التغيير، شبعنا فساد وظلم ومستقبل مجهول، شبعنا الدولة الضعيفة التي سيطر عليها المتنفذين والقبايل، كلنا نشتي عدل ومساواة، كلنا نشتي مستقبل لأطفالنا، كلنا فرحنا عندما بدأت حركة التغيير، حسينا أن في أمل في مستقبل أفضل، وكلنا خرجنا ضد الظلم وضد الفساد. لكن اليوم شبعنا تغيير، شبعنا تغيير.  يا ريت تخرج تشوف الشارع، شوف كيف أخلاق الناس تغيرت، كأنهم وحوش كانت محبوسة، لا ذوق ولا أدب، زمان اشتكينا من فساد بعض المسئولين، واليوم ما عدلقيناش مواطن صالح..... 


البلطجي: والله إن عندك حق، قد الفساد عم الصغار والكبار، كإن المقصود بالتغيير يكونوا  الناس كلهم فاسدين.  قالوا مش عاجبهم الرئيس وشلته، أما اليوم فقدهم كلهم في الهواء سواء...وزادوا الفاسدين.


الثورجي: أنتبهوا أنتوا بتتكلموا على ناس شرفاء، سمعتوا أيش قال وزير المالية، شيخرج بسيارته اللي دخل بها، الله على من أخلاق عالية، لا تتهموش الناس بالباطل.


اليمنجي: اسمعوا أهم قرارات الحكومة الجديدة، قالوا الاجازة جمعة وسبت، الله الله.


البلطجي: أنا عارف كان هذا قانون صدر من فترة طويلة وكانوا يخافوا يطبقوه لأن الناس عيعترضوا... المهم اليوم قد معانا ثلاثة أيام نخزن بها... الخميس للأعراس والمناسبات، والجمعة قديه أجازة، والسبت... مبارك.....