السبت، 6 أكتوبر 2012

إذا بليتم


إذا بليتم....

تطالعنا الأخبار من شتى مصادرها عن حال من الصعب على ذوي العقل منا تجاوز التفكير فيها.  إضافة لمعاناتنا اليومية التي تبدأ بالكهرباء ولا تنتهي بمحاولة السير في الشوارع التي أصبحت مثل توب بالٍ مليء بالثقوب، والت تعج بكائنات غريبة تحارب من أجل الوصول بدون هدف ولا طريق واضح.

اليوم نسمع أن الرئيس هادي أعلن أنه "يتم أخذ الإذن منه" عند توجيه ضربات أمريكية  للقاعدة، وبالأمس سمعنا من علي محسن أنه "كان الرجل الأول" وما يزال، وأنه "من خطط للثورة ونفذها"، وسمع من يقول أنه "يحارب أمريكا" بنهب سفارتها، وآخرون ينصرون الرسول صلى الله عليه وسلم بالشتم والسب والقذف، وغيرهم سيقضي على الفساد وسيوفر الرخاء للشعب اليمني بعد ذهاب "النظام السابق"، ومنهم من سينشر الأمن في صنعاء، وسيوحد الجيش، وربما يقضى على البغاء!

أضف إلى ذلك من يريد المحاكمة، ولا يرضى بالمبادرة. يحتمون (ممن؟) بجنود (الثورة)، يفترشون (الشارع)، ينتظرون أن تنضج الطبخة التي (احترقت)، ويأملون بأن تعود (ليلة القدر) من جديد!  يلوكون المبادئ وهم من يبيعها كل يوم، ينتظرون من (يقدم لهم ما عجزوا عن إنتزاعه)، مجلس الأمن؟  النظام السابق؟  النظام الحالي؟  الشيطان؟  لا فرق....

الكل يجاهر اليوم بما لديه، لم يعد هناك (محرم) أو (خطوط حمر) أو غيرها، اصبح الكل (عارياً) يا رب كما خلقتني!  ممن يخاف؟ ولم يخاف؟ ليس هناك حدود... والكل يريد الكشف عن (عورته) قبل أن يكشف عنها الآخرون!  الكل يرى أنها من (الشجاعة) ونسوا أو تناسوا أن هناك (حكمة) محمدية لو استخدموها لربما حفظوا شيئاً من (ماء) وجوههم....

(إذا بليتم فأستتروا) ... صدق رسول الله

الفساد...توطئة


الفساد.... توطئة

كلمة تتردد كل يوم، ومازالت تملأ اسماعنا منذ سنوات، كلمة نمقتها بقدر معناها، ونحس أنها تخنقنا وتقضي على بهجة حياتنا، كلمة طالما تغنى بها أرباب الإعلام على مدى سنوات، فمنهم من يدعي أنه ضد الفساد ويكيل الشتائم والسباب لهذه الآفة، ومنهم من ركب ركب الحكومة فتغنى بمكافحة هذه الآفة وكأنه الفارس المنقذ....

بدأت إحتجاجات الشباب بإسم مكافحة الفساد والقضاء عليه، وإذا بالفساد نفسه يقضي على آمال الشباب وطموحات الأمة، ليبقى الفساد ويمد أذرع جديدة، ويتغلغل بجذوره ليصل لكل مناح الحياة، وبحيث أصبحنا نحس أننا لن نعيش بدونه، ولن يستقيم لنا حال إلا إذا تعايشنا معه وقبلناه بيننا.

مازال البعض "يتغنى" بإسم الفساد، يدعي كرهه له، يحاول إقناعنا بأن "الآخر" هو الشيطان المفسد، ويصور لنا أنه الفارس المنقذ، هناك من تعود على قدح التهم وإلصاقها وياحبذا تكون تلك التهم متعلقة بهذا الغول الذي نكرهه جميعاً، الفساد.  مازالت أسماعنا وأنظارنا تطالع كلمات السب والذمام لأولئك "الفاسدين" الذين يجب أن نقضي عليهم، ومازال الكثيرون –لسوء الطالع- يصدقون ذلك وتذهب آمالهم بعيداً بأننا لا محالة سنعيش يوماً، بدون فساد.

نغمض أعيننا، وندير روؤسنا عندما يتعلق الأمر بشيء يخصنا.  نغض الطرف عندما يرتكب أحد أطفالنا خطأ، ندافع عنه، نحاول جاهدين حمايته.  نسعى بكل قوانا لإقناع أنفسنا أن إبننا عبقري يستحق النجاح وأكثر، ونندفع بكل قوانا لنثبت ذلك، فهو لا بد أن يكون الأول بين زملائه- ولو أضطرينا لاستخدام وسائل الضغط التي تحت أيدينا. 

نرى نساؤنا يحرمن مما عينه الشرع لهن من ميراث، وجيل بعد جيل نصم آذاننا عن شكواهن، هذا إذا لم نشارك في هذا الظلم، وهذا الجرم، نمنع نساؤنا من أبسط حقوقهن، وندعي أننا نحافظ على عفتهن، ونحن منغمسون في إرتكاب الرذائل، نعم فنحن القوامون ولن يطالنا ما يطالهن.  نتمنى أن يلحق أبناؤنا بناتنا، لديهم من الجد والإجتهاد ما يمكنهم من النجاح، وعندما تخيب آمالنا تضع من العقبات آمام بناتنا ما يمنعهن من التقدم، فيصبح الولد الفاشل هو الآمر والناهي وهو القائم على توجيه البنت.

نصحوا صباحاً وعيوننا مثقلة، بعد يوم من العمل، مساء من الكيف، وليل من السهر، نحاول دفع أولادنا للحاق بالمدرسة، "يا الله... لماذا لا يبدأون المدرسة الساعة التاسعة؟"،  يلبس الأولاد كيفما اتفق، يذهبون دون إفطار- يكفيهم بعض المال لشراء ساندويتش أو بسكويت، "حمداً لله... ذهبوا وخلصنا من هذا الهم"....

الفطور، إذا لم يكن هنا في البيت، فهناك في المطعم، على قارعة الطريق، على الرصيف، نعم على الرصيف، أما الوجبة فلا يهم نوعها طالما تملأ الجوف، ومتى يكون هذا؟، بعد أن نثبت أننا "قد بدأنا يوم العمل" فوقعنا أو بصمنا .. لافرق.

نبدأ عملنا بهدوء لا نريد أزعاجاً، نقتطع وقتاً للفطور، لا ندري كيف يمر يومنا، المهم أن لا يفوتنا أن نقتطع وقتاً لنؤمن مستلزمات الكيف.  قد يتطلب الأمر الحصول على المال اللازم لذلك، ولكن كيف؟.  يمكننا أن نساعد هذا المسكين في إتمام معاملته، وقد تفى مشاركتنا في تلك اللجنة أو ذاك الإجتماع، أو حتى قيامنا بمجهود )جبار( في تنفيذ مهام عملنا اليومي.  نحن نتلقى أجراً زهيداً، فلماذا يطلب منا كل هذا، لماذا العناء، فهذا الأجر لا يكفي... لا يكفي.  ثم إن خروجنا مبكراً لا يضير، فالغد موجود لإنجاز مهام اليوم.

في سوق "القات" الذي- وبحمد الله- إقترب منا حتى كاد يصل لكل باب، يجلس عبدالله- المقوت- على الرصيف، جديد يقسم عبدالله أن "القات" مش مبودر، وبأنه "طعيم" وبأنني لن أجد أفضل منه. "يا له من رجل غشاش- غالباً ما يخدعني بقات رديء"، سأجرب هذا اليوم أيضاً.

الغداء، ما هو؟، شيء يولد "حرارة" لازمة لجلسة تخزينة معتبرة.  بسرعة، يكفي أن يشتمل على بعض السلته والبسباس.  لا داعي لإجتماع الأسرة طالما أنني مستعجل، وبسرعة سأكون جاهزاً للمقيل.

ها هي الأم تنتهي من الغداء، وتكمل تنظيف المطبخ، وحان الوقت للراحة.  رحلة "تفرطه" قصيرة للجيران ستفي بالغرض.  طبعاً حبذا يكون هناك ما يعدل الرأس ويكيف المزاج، فالمساواة هنا مطلوبة وتساعد على زيادة الألفة بين الزوج والزوجة.  "حسناً أيها الأولاد، انتبهوا لدروسكم وواجباتكم، لا تقوموا بأي حركة تزعج أبيكم وضيوفه، يمكنكم مشاهدة التلفاز، سأرجع قبيل المغرب".

يحل الليل، الأب مازال في مقيله، والأم عادت للتو من نزهتها، "هيا أيها الأولاد- أذهبوا للنوم... يمكنهم أكل بعض السندوتشات قبل ذهابكم للفراش".... الأم تلتحق بالتلفاز.....

إنتهى يوم آخر.