2 فبراير 2011
اليمن إلى أين؟
سؤال يطرحه الكثيرون هذه الأيام، خاصة مع تفاعل انتفاضتي تونس ومصر. بغض النظر عن أوجه الشبه والأختلاف بين تونس ومصر واليمن، فإن ما يحدث هناك يحرك ما يحدث هنا، وقد رأينا كيف أن أحداث تونس أشعلت الشرارة في مصر. السؤال يطرح من أوجه متعددة فهناك من يطرحه حسرة وألماً على ما آل إليه الأمر في اليمن حتى أصبح المجهول هو ما ينتظره، ومنهم من يطرحه ليؤكد أن الثورة المنتظرة ستحيل البلاد إلى خراب، ومنهم من يطرحه يملؤه الأمل بأن يتمكن اليمنيون من وضع أسس مستقبل جديد لهم ولأبنائهم بعد أن اختفى من المشهد إمكانية استمرار الوضع الحالي.
مهما كانت وجهة نظر من طرح السؤال فإن هناك أموراً لا يختلف عليها القاصي والداني، ولا تحتمل التأويل والتفسير. فاليمن الذي بدأ مسيرته الحديثة في منتصف القرن العشرين على أثر ثورتين في الشمال ضد نظام ملكي مستبد وفي الجنوب ضد احتلال أجنبي بغيض وبعد أقل من خمسين عاماً يجد نفسه من جديد أمام تحديات تفرض عليه الوقوف بجدية ليتمكن من مواصلة طريقه للمستقبل.
منذ تحول شمال اليمن إلى جمهورية، وتمكن جنوبه من التحرر من الاستعمار، تعاقبت عليه حكومات عدة، فمنها ما كان ليبرالي، ومنها ما كان محافظاً، منها ما تمكن من وضع أسس لدولة يمكن أن توصف بالحديثة، ومنها ما حاول اللعب بأوراق الصراعات الداخلية، وكانت جميعها (تقريباً) تفتقر لشرعية حقيقية. جاءت الجمهورية اليمنية على أنقاض نظامين غير قابلين للحياة، ووضعت أطرها المثالية كبديل لم يكن يعي الجميع فحواه.
فشل النظام الجديد في الجمهورية اليمنية وسرعان ما سيطرت مراكز القوى على الدولة، وتحولت الدولة لبقرة حلوب، فهذا هو الرئيس واسرته، وهؤلاء هم رؤساء القبائل، واولئك هم التجار، كل يسعى لزيادة نفوذه والحصول على الحصة الأكبر من تلك البقرة، وحتى أحزاب المعارضة لم تقدم تصوراً لشيء جديد، فسعيها ليس أكثر من محاولة للحصول على حصتها لذا فقد هادنت النظام وعملت معه بل وأيدته في مختلف المراحل.
وصلت الأمور لمرحلة الأزمة، فالنظام أصبح قادراً على أن يكرر تجربة مصر، فالمؤتمر الشعبي العام سيحصل على ما يريده من مقاعد البرلمان، وهو يمسك بالحكومة. النظام يمسك بكل خيوط اللعبة، وحتى "القلة" التي لا تدور في فلك النظام أصبحت غير مقبولة ولا مطلوبة. النظام عاجز عن تقديم أي جديد للناس.
اليمن، من أكثر بلاد العالم فقراً، ليس بحاجة لمساعدات وموارد لحل أزماته، بل إن اكتشاف كنز من الأموال لن يحل المشكلة. اليمن بحاجة لوضع أسس لنظام جديد يسود فيه العدل بعيداً عن الأسس الحالية للثروة والسلطة. اليمن لا بد أن يتطلع للمستقبل، فلا يمكن للناس أن تعيش على وقع القول "بأنه ليس بالإمكان أحسن مما كان"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق