الأربعاء، 16 مارس 2022

أيقونة الثورة، الارياني في ذكرى رحيله

الارياني، في ذكرى رحيله

الارياني، في ذكرى رحيله
لماذا يجب علينا استحضار ذكرى الرئيس القاضي عبدالرحمن الارياني، وما اهمية ذلك في وقت انهارت فيه اليمن ويعاني فيها الشعب الامرين من حكم الميليشيات. استحضار هذه الذكرى مهم ليس لمعرفة تاريخ مضى فحسب، بل لإيقاد شعلة الأمل لمستقبل اليمن، في وقت اصبح الياس القاتم يسيطر علينا.
كان الرئيس الارياني احد مهندسي ثورة ٢٦ سبتمبر التي تمثل الميلاد الفعلي لليمن الحديث، فقد آمن الارياني ورفاقه بأن اليمنيين يستحقون حكماً عادلا، ونظاماً مبني على اسس المساواة في المواطنة، فلا سيد ولا مسود، حكم للشعب نفسه بنفسه بعيدا عن إملاءات الامامة والكهنوت وخرافاته.
على الرغم من نشاته في أسرة محافظة من طبقة القضاة التي كانت تصنف ثانياً في سلسلة التراتب الاجتماعي التي انشاتها الامامة في اليمن ودافعت عنها لانها تمكنها من الاستحواذ على الحكم. فإن الارياني نشأ حرا وآمن انه لا يمكن ان يرضى أن يكون مواطناً من الدرجة الثانية، مهما جلب له ذلك من امتيازات. قاوم الظلم والقهر في زمن عتو الامامة وجبروتها. اختار ان يواجه الموت، ويسجن سنوات طوال منفياً، عوضاً عن ان يرضى بحظوته التي يمنحها الامام.
قاوم الامامة بالكلمة، ولعل اشهر قصائده "الخديعة" تعبر عما آمن به. سعى ورفاقه بذلك لرفع الوعي لدى الناس، فقد كانت الكلمة حينها أكثر أثراً من السيف. لكنه لم يكتف بذلك، فعندما فشلت محاولات التغيير السلمي، ساهم بالتخطيط للثورة ودعمها، وعندما كانت الثورة في مأزق، تقدم لينقذها وينقذ اليمن. انهى الحرب التي استمرت اكثر من خمس سنوات، وانتصرت الجمهورية في عهده، واستقرت اليمن، ليبدأ عصر جديد غير مجرى التاريخ في اليمن.
الرئيس المدني الوحيد في تاريخ الجمهورية العربية اليمنية حكم دون أن يقود كتبية عسكرية، ودون ان يكون وراءه قبيلة تسنده، الا الشعب. نجح على مدى سبع سنوات في تاسيس النظام الجمهوري، عهد جديد لكل اليمنيين.
لم ترض قوى الرجعية الدينية والقبلية بما كانت اليمن تحققه من تطور وانفتاح، وارادت أن تحتفظ بسيطرتها على اليمن. تآمرت تلك القوى مع العسكر الذين كانوا متحفزين للانقضاض على الحكم، فقرر الرئيس أن يغادر. إنقلاب ابيض، كما يحلو للبعض وصفه، كان بالفعل أسوداً فقد أعاد اليمن للوراء، القوة من جديد هي الحاكمة.
في ١٩٧٤ غادر الرئيس بدلاً من الحرب، فلم يكن ذلك الذي يرغب بالسلطة، ولا بالدفاع عنها. وحتى قبل أن يغادر، قدم استقالته لنواب الشعب آملاً أن يؤسس ذلك لنظام يحترم فيه القانون، حتى في الازمات، وللأسف لم تعرض استقاله على نواب الشعب. قد يقول البعض أنه غادر هرباً او جبناً، لكن هؤلاء لا يعلمون ان الرئيس الارياني كان قد استقال قبل ذلك عندما كانت بعض القوى تحاول التأثير على الدولة وتمنع وجود نظام محترم حماية لمصالحها. لقد حاول وحاول مراراً قبل ان يقرر المغادرة عوضاً عن يتزعم حرباً تسفك فيها الدماء.
الرئيس الارياني اسس النظام الجمهوري، وهو ايضاً من أسس لتوحيد اليمن، فقد عقد المباحثات ووقع الاتفاقيات التي كانت بذرة إنشاء الجمهورية اليمنية. كان هم الوطن يسكن الارياني في منفاه، لذا لم يبخل بارسال الرسائل للرئيس الحمدي الذي انقلب عليه ينصحه حرصاً على اليمن. استمر الارياني في منفاه حتى ١٩٨١م، وتوفي في ١٤ مارس ١٩٩٨م
بدأ الارياني مسيرته في عهد من الظلام، حيث لم يخطر ببال يمني أن الامام لن يحكمه يوماً ما، وغادرنا، رحمه الله، واليمن بلد موحد يعيش فيه اليمنيون متساوون، لا سيد ولا مسود، يحكمهم دستور وقانون. أفلا يستحق ان نستذكره دوماً ليكون أيقونة للمقاومة. افلا هذا يعطي هذا اليمنيين أملا في المستقبل، فظلام اليوم لا بد أن يأتي بعده صباح، إذا صدقت النوايا، وعلت الهمم. كل واحد منا له ان يسهم في انقشاع الظلام.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق