الثلاثاء، 29 مارس 2022

مشاورات الرياض

 مشاورات الرياض

"الجمعة الجمعة، والخطبة الخطبة، وعاقي والديه عاقي والديه"

أميل للتفاؤل، وهو أمر ضروري للمستقبل، وفي حالة اليمن أيضاً.

إذن مشاورات في الرياض الهدف المعلن منها وصول اليمنيين لتوافق للخروج من مأزق الحرب. الواقع ما هي مشاورات الرياض؟ وهل يمكن أن يكون لها دور في تغييرعجلة الحرب التي تدور بلا نهاية.

اطراف "الشرعية" كما تسمى تحضر مشاورت الرياض، بينما يغيب عنها الحوثيون، وهم طرف اساسي في الحرب. ولكون الشرعية  حاضرة سنبدأ بهم كون حضورهم مهم ايضاً، فالحرب في اليمن قد تحولت لحرب متعددة الاطراف. أطراف الشرعية المتصارعين والذين يمولهم التحالف ويدعمهم جميعاً يحضرون جميعاً للرياض. هل هناك فعلا حاجة لهذا الحضور. في واقع الأمرلو كان التحالف يرغب في ايجاد صيغة للتوافق بين أطراف الشرعية لفعل ذلك، فهذه الاطراف ستموت لو انقطع عنها تمويل التحالف، واعتمادها على ذلك التمويل عنصراً رئيسياً في وجودها. مع ذلك لنكن متفائلين، ولنقل أن التحالف قد أدرك المأزق الذي وضع نفسه فيه من خلال دعم اطراف متعددة في "الشرعية" أدت فعلياً لخلق حالة من الفوضى المستفيد الأول منها هو الحوثي.

هل يمكن أن يتوافق اطراف الشرعية ويكونوا جبهة موحدة ضد الحوثي؟ هل يمكن لهذه الجبهة أن تهزم الحوثي؟. للإجابة على السؤال الأول لا يتصور أن يتوافق أطراف الشرعية لأسباب متعددة، منها التنافس الحاصل للحصول على مكاسب مع استمرار كل طرف في محاولة تعزيز مواقعة تجاه التحالف، وليس تجاه الوضع الميداني. الصراع إذن هو على "كعكة التحالف" إن صح التعبير. أما السؤال الثاني فهو إمكانية هزيمة الحوثي. هذه الامكانية مرهونة فعلياً بالسؤال الأول، فإذا ما تم توافق ما بين أطراف الشرعية، لن يتمكن الحوثي من الصمود، ففشل اطراف الشرعية هو الوقود الرئيسي للحوثي. 

إذن ما هو الهدف من مؤتمر الرياض؟ وهل هو محاولة سعودية للخروج من اليمن بشيء من ماء الوجه؟ المؤشرات تدل على أن مؤتمر الرياض ما هو إلا حبه مسكنة الهدف منه هو التخفيف من ضغط حرب اليمن، مؤقتاً، على السعوديين واليمنيين. إيقاف الحرب خلال شهر رمضان هو نوع من الدعاية التي تتبادلها أطراف الصراع كل عام. إذا لم يخرج المتشاورون في مؤتمر الرياض، وهم في الواقع اطراف الشرعية، بموقف موحد، فستكون النتيجة أنتصار آخر للحوثي، لا يقل أهمية عن انتصاره العسكري. من المستبعد أن يكون المؤتمر خروجاً نهائياً للسعودية من اليمن، وإلا لكانت السعودية أعادت القيادات "الشرعية" لليمن.

الحوثيون، يواصلون تحقيق أنتصارات عسكرية ومعنوية، ناتجة بدرجة رئيسية عن فشل اطراف الشرعية.. بالرغم من الضغط الهائل عليهم اقتصاديا، يواصلون توزيع هذه الضغط على عامة الشعب من خلال زيادة الجبايات واحتكار المواد الاساسية وبيعها بأسعار باهضة. لا يتحمل الحوثيون اية مسئولية تجاه السكان، ويسخرون كل الامكانيات لتعزيز مواقعهم الاقتصادية ايضاً.، مما سيجعلهم أكثر قدرة على التأثير مستقبلاً ايضاً. رفض الحوثيين للذهاب للرياض ليس لان اللقاء في الرياض، بل لأن السلام لا يمكن ان يحقق لهم ما تحققه الحرب من مكاسب. ما الذي سيقدمه السلام لهم... حصة من السلطة، او حتى سلطة كاملة على جزء من اليمن، مع تحملهم مسئوليات، ذلك بالطبع اقل مما هم عليه اليوم.

أخيراً، مؤتمر الرياض، عدد هائل من المشاركين، يذكرنا بمؤتمر الحوار الوطني. القصة ليست بحاجة لمنتدى، صانعي الحدث  والممسكين بزمام الحل معروفين، ولا يتعدى عددهم عدد اصابع اليد الواحدة. ما يحدث لا يختلف أبداً عما حدث سابقاً، والمثل اليمن يقول "الجمعة الجمعة، والخطبة الخطبة، وعاقي والديه عاقي والديه" والاخير هم الشعب اليمن الذي ينتظرون حلولاً من قيادات استمرأت الحياة خارج اليمن دون أدنى شعور بالمسئولية، وأخرى أستمرات مكاسب الحرب داخلياً، فمن اين يأتي السلام يا ترى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق